﴿وَقالَ﴾ الخبّاز وهو ﴿الْآخَرُ﴾ منهما اسمه غالب أو مخلب على ما قيل (١) : ﴿إِنِّي أَرانِي﴾ في المنام كأنّي في مطبخ الملك ، وأنا ﴿أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي﴾ ثلاث سلال ملئن ﴿خُبْزاً﴾ وأرى أنّه ﴿تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ﴾
قيل : إنّ يوسف لمّا دخل السجن قال لأهله : إنّي أعبّر الرؤيا والمنامات (٢) . وعن الصادق عليهالسلام : « لمّا أمر الملك بحبس يوسف في السجن ألهمه الله تعالى تأويل الرؤيا ، فكان يعبّر لأهل السجن رؤياهم ، وإنّ فتيين أدخلا معه في السجن يوم حبسه ، فلمّا باتا أصبحا فقالا له ، إنّا رأينا » (٣) الخبر.
قيل : إنّهما لم يريا شيئا ، وكذبا في ذلك (٤) .
وقيل : إنّ الساقي كان صادقا ، والآخر كاذبا (٥) .
وعن مجاهد : أنّهما كانا صادقين (٦) . ثم قالا ليوسف استعلاما واختبارا : يا يوسف ﴿نَبِّئْنا﴾ وأخبرنا بتعبير رؤيانا و﴿بِتَأْوِيلِهِ﴾ ولمّا رأياه أنه يأوّل رؤيا أهل السجن تأويلا حسنا عللا سؤالهم التعبير عنه بقولهم : ﴿إِنَّا نَراكَ﴾ ونشاهدك ﴿مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ في تأويل الرؤيا. وقيل : يعني من المتخلّقين بالأخلاق الكريمة ، والملتزمين بالأعمال الحسنة ، ومن كان كذلك يهتمّ بإزالة الغمّ عن القلوب ، بحسن التعبير (٧) .
عن الصادق عليهالسلام : « كان يوسّع المجلس ، ويقرض (٨) للمحتاج ، ويعين الضعيف » (٩) .
وعنه عليهالسلام في رواية اخرى : « كان يقوم على المريض ، ويلتمس للمحتاج ، ويوسّع على المحبوس(١٠) .
وقيل : كان يعامل مع أهل السجن بمكارم الأخلاق ، ويحسن إليهم غاية الإحسان (١١) . وقيل : عني من المحسنين في أمر الدين ، والمواظبين على العبادات ، ومن كان كذلك يوثق بقوله في التعبير (١٢) .
﴿قالَ لا يَأْتِيكُما طَعامٌ تُرْزَقانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُما بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُما ذلِكُما مِمَّا
عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كافِرُونَ *
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٥٧.
(٢) تفسير الرازي ١٨ : ١٣٤ ، تفسير روح البيان ٤ : ٢٥٧.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٢ / ٢٠٩٧ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠.
(٤) تفسير الرازي ١٨ : ١٣٤ ، تفسير أبي السعود ٤ : ٢٧٦.
(٥) مجمع البيان ٥ : ٣٥٦ ، تفسير روح البيان ٤ : ٢٥٧.
(٦) مجمع البيان ٥ : ٣٥٦.
(٧) تفسير الرازي ١٨ : ١٣٥.
(٨) في الكافي وتفسير الصافي : يستقرض.
(٩) الكافي ٢ : ٤٦٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠.
(١٠) تفسير القمي ١ : ٣٤٤ ، تفسير الصافي ٣ : ٢٠.
(١١ و١٢) تفسير الرازي ١٨ : ١٣٥.