كِراماً كاتِبِينَ﴾(١) فلم ينصرف ، ثمّ رأى فيها : ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً﴾(٢) فلم يتنبّه (٣) ، ثمّ رأى فيها : ﴿وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ﴾(٤) فلم ينجع. فقال الله عزوجل لجبرئيل : أدرك عبدي قبل أن يصيب الفاحشة (٥) . فانحطّ جبرئيل عليهالسلام وهو يقول : يا يوسف ، اتعمل عمل السّفهاء وأنت مكتوب في ديوان الأنبياء (٦) .
في عصمة الأنبياء
أقول : لا شبهة في فساد هذا القول وكذبه ، وقيل : إنّه رأى تمثال العزيز (٧) .
وقيل : إنّه رأى شخصا يقول له : يا يوسف ، انظر إلى يمينك ، فنظر [ فرأى ] ثعبانا أعظم ما يكون ، فقال : هذا يكون في بطن الزاني غدا (٨) .
وقيل : إنّه سمع قائلا يقول : يابن يعقوب ، المؤمن كالطير (٩) له ريش ، فاذا زنى سقط ريشه(١٠).
وقيل : إنه رأى جبرئيل عاضّا على يده (١١) .
عن السجّاد عليهالسلام : قامت امرأة العزيز إلى الصنم ، فألقت عليه ثوبا ، فقال لها يوسف : [ ما هذا ؟ قالت : أستحيي من الصنم أن يرانا ، فقال لها يوسف : ] أتستحيين ممّن لا يسمع ولا يبصر ولا يفقه ، ولا يأكل ولا يشرب ، ولا أستحيي أنا ممّن خلق الانسان فعلمه ، فذلك قوله : ﴿لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ﴾(١٢) .
وروي ذلك عن الباقر عليهالسلام بعد أن كذّب قول الناس إنّه رأى يعقوب عاضا على إصبعه (١٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أن رضا الناس لا يملك ، وألسنتهم لا تضبط ، وكيف تسلمون ممّا لا يسلم منه أنبياء الله ورسله وحجج الله عليهمالسلام ، ألم ينسبوا يوسف عليهالسلام إلى أنه همّ بالزنا » (١٤) .
أقول : والعجب أنّه مع ذلك روى بعض العامه عن الصادق عليهالسلام باسناده عن علي عليهالسلام أنه قال : « طمعت فيه وطمع فيها ، فكان طمعه فيها أنّه همّ أن يحلّ التّكّة » (١٥) بل نقلوا عن ابن عباس أنه قال : حلّ الهميان (١٦) ، وجلس منها مجلس الخائن (١٧) . وعنه أيضا : أنّها استلقت له وجلس بين رجليها ينزع ثيابه (١٨) .
أقول : لا شبهة أن كلّها من الأكاذيب بحكم العقل والنقل وإجماع أهل الحلّ والعقد.
__________________
(١) الإنفطار : ٨٢ / ١٠ و١١. (٢) الإسراء ١٧ / ٣٢.
(٣) في تفسير أبي السعود : فلم ينته. (٤) البقرة : ٢ / ٢٨١.
(٥) في تفسير أبي السعود : الخطيئة. (٦) تفسير أبي السعود ٤ : ٢٦٦.
(٧) تفسير أبي السعود ٤ : ٢٦٧. (٨) تفسير روح البيان ٤ : ٢٣٨.
(٩) في تفسير الرازي : يا ابن يعقوب لا تكون كالطير يكون.
(١٠) تفسير الرازي ١٨ : ١٢٠. (١١) مجمع البيان ٥ : ٣٤٥.
(١٢) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٤٥ / ١٦٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٤.
(١٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٤٠ / ٢٠٩٢ ، تفسير الصافي ٣ : ١٤.
(١٤) أمالى الصدوق : ١٦٤ / ١٦٣ ، تفسير الصافي ٢ : ١٤.
(١٥) تفسير الرازي ١٨ : ١١٥. (١٦) الهميان : شداد السّراويل.
(١٧ و١٨) تفسير الرازي ١٨ : ١١٥.