حسني وجمالي ، قال : صاحبك أحقّ بحسنك وجمالك (١) .
﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ وعزمت على مخالطته ومجامعته عزما جزما بعد تغليق الأبواب ، ودعوتها إلى نفسها ، والإلحاح في مقاربتها ، ومدّ يدها إليه لتعانقه ﴿وَهَمَّ بِها﴾ وعزم على إجابتها بمقتضى الطبيعة البشرية وقوّة شهوة الشباب مع وجود أسباب هيجان الرغبة ﴿لَوْ لا أَنْ رَأى﴾ يوسف ﴿بُرْهانَ رَبِّهِ﴾ وحجّته الباهرة الدالة على قبح الزنى ، وكونه مبغوضا له تعالى ، وكمال إيقانه الواصل إلى مرتبة عين اليقن التي تتجلّى عندها حقائق الأشياء بصورتها الواقعية البرزخية.
وهذه المرتبة هي العصمة الالهية ، ولكن رأى البرهان فلم يهتمّ بها أصلا ، وكان فاقد الشرط ، والمقصود بيان أنّه لم يكن امتناعه عن ارتكاب الفاحشة لقصور في قواه الطبيعية ونقص في موجبات الرغبة ، بل كان بمقتضى العفّة والعصمة الألفية (٢) مع وفور الدواعي النفسانية وتمامية الموجبات الخارجية لظهور أحكام الطبيعة.
عن الرضا عليهالسلام ، وقد سأله المأمون عن عصمة الأنبياء : قال عليهالسلام : « لقد همّت به ، ولو لا أن رأى برهان ربه لهمّ بها كما همّت به ، لكنّه كان معصوما ، والمعصوم لا يهمّ بذنب ولا يأتيه » .
قال : « ولقد حدّثني أبي ، عن أبيه الصادق عليهالسلام ، أنّه قال : همّت بأن تفعل ، وهمّ بأن لا يفعل » (٣) .
وفي رواية : « أنّها همّت بالمعصية ، وهمّ يوسف بقتلها إن أجبرته ، لعظم ما تداخله ، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة » (٤) .
وقيل : إنّ البرهان هو أنّه رأى مكتوبا في جانب البيت : ﴿لا تَقْرَبُوا الزِّنى﴾(٥) .
وقيل : إنّه قال له ملك : أنت تهمّ بفعل السفهاء ، وأنت (٦) مكتوب في ديوان الأنبياء (٧) وفي هذا القول ما لا يخفى.
وقيل : إنّه انفرج له سقف البيت ، فرأى يعقوب عاضّا على يديه (٨) .
وقيل : إنّ يعقوب ضرب على صدره ، فخرجت شهوته من أنامله (٩) .
وقيل : بدت كفّ [ فيما بينهما ] لا عضد لها ولا معصم ، مكتوب فيها : ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ*
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ٢٣٦.
(٢) كذا ، ولعلّ مراده المألوفة.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ٢٠١ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣.
(٤) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ١ : ١٩٣ / ١ ، تفسير الصافي ٣ : ١٣.
(٥) تفسير روح البيان ٤ : ٢٣٨.
(٦) زاد في النسخة : واسمك.
(٧ و٨) تفسير روح البيان ٤ : ٢٣٨.
(٩) تفسير أبي السعود ٤ : ٢٦٦.