قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    تحمیل

    نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]

    353/652
    *

    ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ

     إِلاَّ ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)

    ثمّ بيّن سبحانه حال السّعداء بقوله : ﴿وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا﴾ ووحّدوا ربّهم ، وبذلوا جهدهم في طاعته ﴿فَفِي الْجَنَّةِ﴾ يدخلون ويستقرّون ، حال كونهم ﴿خالِدِينَ﴾ ودائمين ﴿فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ﴾ وهو يعطيهم ذلك ﴿عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ﴾ ويفضّل عليهم تفضّلا غير مقطوع عنهم أبدا.

    ويأتي في الآية كلّ ما ذكر في سابقتها من الوجوه ، لدفع المنافاة بين تقييد الدّوام فيها بدوام السّماوات والأرض والاستثناء ، وبين ما علم من الأدلّة القطعيّة من الدّوام الأبدي بلا استثناء.

    وقيل في الآية : إنّ السّعداء قد يرفعون إلى العرش ، ومقام الرّضوان ، والمنازل الرّفيعة التي لا يعلمها إلّا الله (١) .

    وفيه : إنّ الخروج من الجنّة ولو آنا ما مناف للأدلّة القطعيّة على الخلود فيها. وأمّا مقام الرّضوان والمنازل الرّفيعة ، فكلّها في الجنّة ليس بخارج منها.

    وعن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : « قال الجاهل بعلم التّفسير : إنّ هذا الاستثناء من الله إنّما هو لمن دخل الجنّة والنّار ، وذلك أنّ الفريقين جميعا يخرجان منهما فتبقيان وليس فيهما أحد وكذّبوا ، فإنّ الله تعالى ليس يخرج أهل الجنّة ولا كلّ أهل النّار منهما أبدا ، كيف يكون ذلك وقد قال الله في كتابه :

    ﴿ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً(٢) ليس فيه استثناء ؟ » (٣) .

    ﴿فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ ما يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ

     وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩)

    ثمّ أنّه تعالى بعد بيان سوء عاقبة المشركين الماضين ، وابتلائهم بالعذاب ، وعدم انتفاعهم بآلهتهم في دفعه ، وذكر حال الأشقياء والسّعداء في الآخرة ، بيّن مساواة حال المشركين المعاصرين للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وآلهتهم ، مع السّابقين المهلكين وآلهتهم ، في سوء العاقبة وابتلائهم بالعذاب ، وعدم إغناء آلهتهم عنهم ، تسلية للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتبشيرا له بالنّصر ، وتهديدا للمشركين بقوله : ﴿فَلا تَكُ﴾ يا محمّد ، بعد ما انزل إليك من القرآن ، واطّلعت بما فيه من قصص الامم ، كائنا ﴿فِي مِرْيَةٍ﴾ وشكّ ﴿مِنْ﴾ حال

    __________________

    (١) تفسير الرازي ١٨ : ٦٧.

    (٢) الكهف : ١٨ / ٣.

    (٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٢٣ / ٢٠٥٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٧٣.