عن الصادق عليهالسلام : « كانت أعمار قوم نوح ثلاثمائة سنة » (١) .
وعنه عليهالسلام : « عاش نوح عليهالسلام ألفي [ سنة ] وثلاثمائة سنة ، منها ثمانمائة وخمسون سنة قبل أن يبعث ، وألف سنة إلّا خمسين عاما وهو في قومه يدعوهم ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السّفينة ، ونضب الماء فمصّر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان. ثمّ إنّ ملك الموت جاءه وهو في الشّمس ، فقال : السّلام عليك ، فردّ عليه نوح فقال : ما جاء بك يا ملك الموت ؟ فقال : جئتك لأقبض روحك ، قال : دعني أدخل من الشّمس إلى الظلّ ، فقال له ، نعم ، فتحوّل ثمّ قال : يا ملك الموت كلّ ما مرّبي من الدّنيا مثل تحويلي من الشّمس إلى الظّل ، فامض لما امرت به ، فقبض روحه » (٢) .
وعنه عليهالسلام : « عاش نوح بعد الطّوفان خمسمائة سنة ، ثمّ أتاه جبرئيل فقال : يا نوح ، إنّه قد انقضت نبوّتك ، واستكملت أيّامك ، فانظر إلى الاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار النّبوّة التي معك ، فادفعها إلى ابنك سام ، فإنّي لا أترك الأرض إلّا وفيها عالم تعرف به طاعتي ، ويعرف به هداي ، ويكون نجاة [ فيما ] بين مقبض النبيّ ومبعث نبيّ آخر ، ولم [ أكن ] أترك النّاس بغير حجّة [ لي ] وداع إليّ وهاد إلى سبيلي ، وعارف بأمري ، فإنّي [ قد ] قضيت أن أجعل لكلّ قوم هاديا أهدي به السّعداء ، ويكون حجّة لي على الأشقياء. قال : فدفع نوح عليهالسلام الاسم الأكبر ، وميراث العلم ، وآثار النّبوّة إلى سام ، وأمّا حام ويافث فلم يكن عندهما ما ينتفعان به. قال : وبشّرهم نوح عليهالسلام بهود ، وأمرهم باتّباعه ، وأمرهم أن يفتحوا الوصيّة في كلّ عام ، وينظروا فيها ، ويكون عيدا لهم » (٣) .
﴿تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا
فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ (٤٩)﴾
ثمّ نبّه سبحانه على إعجاز القرآن من جهة تضمّنه للمغيّبات ، إثباتا لصدقه وصدق النبيّ صلىاللهعليهوآله بقوله : ﴿تِلْكَ﴾ القصّة التّي قصصناها عليك من تفصيل دعوة نوح ، ومحاجّته مع قومه ، وصنعه الفلك ، واستهزاء قومه به ، وغرقهم بالطّوفان ، ومكالمته مع ابنه كنعان ، إلى آخرها ، كلّها ﴿مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ﴾ ومن الأخبار التي لا يعلم بها أحد إلّا بطريق الوحي ، ونحن ﴿نُوحِيها إِلَيْكَ﴾ بتوسّط جبرئيل ﴿ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ﴾ وإن لم تكن اميّا ﴿وَلا﴾ يعلمها ﴿قَوْمُكَ﴾ بهذا التّفصيل ﴿مِنْ قَبْلِ﴾ نزول ﴿هذا﴾ القرآن ، وإن علموا بها إجمالا ، فمع هذه المعجزة العظيمة إن أصرّوا على تكذيبك في النّبوّة ،
__________________
(١) كمال الدين : ٥٢٣ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٥٤.
(٢) الكافي ٨ : ٢٨٤ / ٤٢٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٥٤.
(٣) الكافي ٨ : ٢٨٥ / ٤٣٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٥٤.