قيل : صنع نوح السفينة في سنتين ، واستأجر اجراء ينحتون معه (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : « كان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات ممّا يلي غربي الكوفة ، وكان نوح رجلا نجّارا ، فجعله الله نبيّا وانتجبه ، ونوح أوّل من عمل سفينة تجرى على ظهر الماء » .
قال : « ولبث نوح في قومه ألف سنة إلّا خمسين عاما يدعوهم إلى الهدى ، فيمرّون به ويسخرون منه ، فلمّا رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال : ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً ...﴾(٢) ، فأوحى الله إليه : يا نوح ، اصنع الفلك وأوسعها وعجّل عملها بأعيننا ووحينا ، فعمل نوح سفينته في مسجد الكوفة بيده يأتي بالخشب من بعد ، حتّى فرغ منها.
فسئل [ عليهالسلام ] : في كم عمل نوح سفينته حتّى فرغ منها ؟ قال : في دورين. قيل : وكم الدّوران ؟ قال : ثمانون سنة. قيل : إنّ العامّة يقولون : عملها في خمسائة عام ، فقال : كلّا والله ، كيف والله يقول : ﴿وَوَحْيِنا﴾(٣) .
قيل : إنّ المراد بالوحي السّرعة والعجلة (٤) .
وعن ( حياة الحيوان ) : أنّ أوّل من اتّخذ الكلب للحراسة نوح عليهالسلام ، قال : يا ربّ أمرتني أن أصنع الفلك ، وأنا في صناعته أصنع أيّاما فيجيئون باللّيل فيفسدون كلّ ما عملت ، فمتى يلتئم لي ما أمرتني به ، قد طال عليّ أمري ؟ فأوحى الله إليه : يا نوح ، اتّخذ كلبا يحرسك. فاتّخذ نوح كلبا ، وكان يعمل بالنّهار وينام باللّيل ، فإذا جاء قومه ليفسدوا باللّيل ينبحهم الكلب ، فينتبه نوح فيأخذ الهراوة (٥) ويثب إليهم فينهزمون منه ، فالتأم ما أراد ، وفعل السّفينة (٦) .
﴿حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ (٤٠)﴾
ثمّ أنّه كان مشتغلا بصنع الفلك ﴿حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا﴾ للتنّور بالفوران ، أو عذابنا ﴿وَفارَ التَّنُّورُ﴾ ونبع الماء منه بشدّة كغليان القدر. قيل : كان التنّور في مسجد الكوفة ، والسّفينة أيضا فيه (٧).
وعن الصادق عليهالسلام : « كان التنّور في بيت عجوز مؤمنة في دبر قبلة ميمنة المسجد » يعني مسجد الكوفة ، فقيل له : فإنّ ذلك موضع زاوية باب الفيل اليوم. ثمّ سئل : أو كان بدو خروج الماء من ذلك
__________________
(١) تفسير روح البيان ٤ : ١٢٣.
(٢) نوح : ٧١ / ٢٧.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٣٠٥ / ٢٠٠٥ ، الكافي ٨ : ٢٨٠ / ٤٢١ ، تفسير الصافي ٢ : ٤٤٦.
(٤) تفسير الصافي ٢ : ٤٤٦.
(٥) الهراوة : العصا الضّخمة.
(٦) تفسير روح البيان ٤ : ١٢٣.
(٧) تفسير أبي السعود ٤ : ٢٠٨.