هو الله ، فيفهم من الآيتين أنّ أخذ الرّسول أخذ الله ، ففيه التّنبيه على عظم شأن الرّسول صلىاللهعليهوآله (١) .
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥)﴾
ثمّ رغّب سبحانه التّائبين على العمل بعد قبول توبتهم ، أو عموم العباد في مطلق الخيرات ، ورهّبهم من العصيان بقوله : ﴿وَقُلِ﴾ للتّائبين ، أو لعموم المؤمنين : ﴿اعْمَلُوا﴾ ما شئتم من الأعمال خيرا أو شرّا ﴿فَسَيَرَى اللهُ﴾ ويعلم البتّة ﴿عَمَلَكُمْ﴾ خيرا كان أو شرّا ، ظاهرا كان أو خفيّا ﴿وَرَسُولُهُ﴾ أيضا يراه ، بل ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ يرونه.
عن الباقر عليهالسلام : « هو والله عليّ بن أبي طالب عليهالسلام » (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام : « هم الأئمّة عليهمالسلام » (٣) .
وعنه عليهالسلام قال : « إيّانا عنى » (٤) .
وعنه عليهالسلام : « تعرض على رسول الله صلىاللهعليهوآله أعمال العباد كلّ صباح ، أبرارها وفجّارها ؛ فاحذروها ، وهو قوله تعالى ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا ...﴾ الآية » (٥) .
وعنه عليهالسلام أنّه قرئ عنده هذه الآية فقال : « ليس هكذا هي ، إنّما هي (والمأمونون) ، فنحن المأمونون » (٦) .
أقول : ليس المراد تغيير اللّفظ ، بل بيان أن مادّة « مؤمنون » الأمن لا الإيمان.
وروي : لو أنّ رجلا عمل في صخرة لا باب لها ولاكوّه ، لخرج عمله إلى النّاس كائنا ما كان (٧) .
﴿وَسَتُرَدُّونَ﴾ وترجعون البتّة بعد الموت ﴿إِلى﴾ جزاء أعمالكم ، أو إلى دار الآخرة التي هي معنى ﴿عالِمِ الْغَيْبِ﴾ لغيابه عن أنظار العامّة ، ﴿وَ﴾ عالم ﴿الشَّهادَةِ﴾ لحضوره عند النّاس ، أو لشهودهم حقائق الأعمال والأشياء فيه ﴿فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ ويخبركم الله ﴿بِما كُنْتُمْ﴾ في الدّنيا ﴿تَعْمَلُونَ﴾ بإراءتكم جزاءه.
__________________
(١) تفسير الرازي ١٦ : ١٨٦.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٨ / ١٨٨٩ ، الكافي ١ : ١٧١ / ٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٣.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٩ / ١٨٩٣ ، الكافي ١ : ١٧١ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٣.
(٤) الكافي ١ : ١٤٦ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٣.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٩ / ١٨٩١ ، الكافي ١ : ١٧١ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٣.
(٦) الكافي ١ : ٣٥١ / ٦٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٣.
(٧) تفسير الرازي ١٦ : ١٨٩ ، تفسير روح البيان ٣ : ٥٠١.