قائمة الکتاب
إعدادات
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]
نفحات الرحمن في تفسير القرآن [ ج ٣ ]
تحمیل
ثمّ لمّا لم يصرّح الله سبحانه في الآية السّابقة بقبول توبتهم ، صرّح به بقوله : ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ﴾ من الذّنوب ﴿عَنْ عِبادِهِ﴾ المؤمنين المذنبين التّائبين ﴿وَيَأْخُذُ﴾ منهم ﴿الصَّدَقاتِ﴾ الصّادرة منهم عن خلوص النيّة. ثمّ أكّد قبول توبتهم بقوله : ﴿وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ﴾ على المذنبين ، ومبالغ في قبول توبتهم ﴿الرَّحِيمُ﴾ بهم.
روي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لمّا حكم بصحّة توبتهم ، قال الذين لم يتوبوا : هؤلاء الذين تابوا كانوا معنا بالأمس لا يكلّمون ولا يجالسون ، فما لهم ؟ فنزلت (١) .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله يقول : ما من شيء إلّا وقد وكّلت [ به ] من يقبضه غيري إلّا الصّدقة فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفا ، حتّى إنّ الرّجل ليتصدّق بالتّمرة أو بشقّ التّمرة فاربّيها له كما يربّي الرجل فلوه (٢) وفصيله ، فيأتي يوم القيامة وهو مثل احد وأعظم من احد » (٣) .
وعن السجّاد عليهالسلام : « ضمنت على ربّي أنّ الصّدقة لا تقع في يد العبد حتّى تقع في يد الربّ ، وهو قوله : ﴿هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ﴾(٤) .
وعنه عليهالسلام : أنّه كان إذا أعطى السّائل قبّل يد السائل ، فقيل له : لم تفعل ذلك ؟ قال : « لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد » . وقال : « ليس من شيء إلّا وكّل به ملك إلّا الصّدقة فإنّها تقع في يد الله» (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « كان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السّائل ثم ارتدّه منه فقبّله وشمّه [ ثم رده في يد السائل ] » (٦) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « إذا ناولتم السائل شيئا فاسألوه أن يدعو لكم فإنّه يجاب له فيكم ، ولا يجاب في نفسه - إلى أن قال : - وليردّ الذي ناوله يده إلى فيه فيقبّلها ، فإنّ الله تعالى يأخذها قبل أن تقع في يده ، كما قال : ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ﴾(٧).
وعن الصادق عليهالسلام في حديث : « والأخذ في وجه القبول منه ، كما قال : ﴿وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ﴾ أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها » (٨) .
وقيل : إنّ قوله ﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً﴾ ذكر أنّ الآخذ هو الرسول صلىاللهعليهوآله ، وفي هذه ذكر أنّ الآخذ
__________________
(١) تفسير الرازي ١٦ : ١٨٥.
(٢) الفلو : الجحش أو المهر يفطم أو يبلغ السنة.
(٣) الكافي ٤ : ٤٧ / ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٧ / ١٨٨٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٧ / ١٨٨٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.
(٦) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٦ / ١٨٨٢ ، الكافي ٤ : ٩ / ٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.
(٧) الخصال : ٦١٩ / ١٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.
(٨) التوحيد : ١٦٢ / ٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧٢.