ثمّ لمّا لم يصرّح
الله سبحانه في الآية السّابقة بقبول توبتهم ، صرّح به بقوله : ﴿أَلَمْ
يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ﴾ من الذّنوب ﴿عَنْ عِبادِهِ﴾ المؤمنين المذنبين التّائبين ﴿وَيَأْخُذُ﴾ منهم ﴿الصَّدَقاتِ﴾ الصّادرة منهم عن خلوص النيّة. ثمّ أكّد قبول توبتهم
بقوله : ﴿وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ﴾ على المذنبين ، ومبالغ في قبول توبتهم ﴿الرَّحِيمُ﴾ بهم.
روي أنّ رسول
الله صلىاللهعليهوآله لمّا حكم بصحّة توبتهم ، قال الذين لم يتوبوا : هؤلاء
الذين تابوا كانوا معنا بالأمس لا يكلّمون ولا يجالسون ، فما لهم ؟ فنزلت .
وعن الصادق عليهالسلام : « أنّ الله يقول : ما من شيء إلّا وقد وكّلت [ به ]
من يقبضه غيري إلّا الصّدقة فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفا ، حتّى إنّ الرّجل ليتصدّق
بالتّمرة أو بشقّ التّمرة فاربّيها له كما يربّي الرجل فلوه وفصيله ، فيأتي يوم القيامة وهو مثل احد وأعظم من احد »
.
وعن السجّاد عليهالسلام : « ضمنت على ربّي أنّ الصّدقة لا تقع في يد العبد حتّى
تقع في يد الربّ ، وهو قوله : ﴿هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ
عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ﴾ .
وعنه عليهالسلام : أنّه كان إذا أعطى السّائل قبّل يد السائل ، فقيل له
: لم تفعل ذلك ؟ قال : « لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد » . وقال : « ليس من
شيء إلّا وكّل به ملك إلّا الصّدقة فإنّها تقع في يد الله» .
وعن الصادق عليهالسلام : « كان أبي إذا تصدّق بشيء وضعه في يد السّائل ثم
ارتدّه منه فقبّله وشمّه [ ثم رده في يد السائل ] » .
وعن أمير
المؤمنين عليهالسلام : « إذا ناولتم السائل شيئا فاسألوه أن يدعو لكم فإنّه
يجاب له فيكم ، ولا يجاب في نفسه - إلى أن قال : - وليردّ الذي ناوله يده إلى فيه
فيقبّلها ، فإنّ الله تعالى يأخذها قبل أن تقع في يده ، كما قال : ﴿أَلَمْ
يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ
الصَّدَقاتِ﴾.
وعن الصادق عليهالسلام في حديث : « والأخذ في وجه القبول منه ، كما قال : ﴿وَيَأْخُذُ
الصَّدَقاتِ﴾ أي يقبلها من أهلها ويثيب عليها » .
وقيل : إنّ قوله
﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً﴾ ذكر أنّ الآخذ هو الرسول صلىاللهعليهوآله ، وفي هذه ذكر أنّ الآخذ
__________________