على سواري المسجد ، فقدم رسول الله صلىاللهعليهوآله فدخل المسجد وصلّى ركعتين ، وكانت هذه عادته ، فلمّا رآهم موثقين سأل عنهم ، فذكر له أنّهم حلفوا أن لا يحلّوا أنفسهم حتّى يكون الرّسول هو الذي يحلّهم ، فقال صلىاللهعليهوآله : « وأنا اقسم أنّي لا أحلّهم حتّى اومر فيهم » . فنزلت هذه الآية.
فأطلقهم وعذرهم (١) لمّا أخبر الله بقبول توبتهم بقوله : ﴿عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ ويعود عليهم بالرّحمة والمغفرة ﴿إِنَّ اللهَ غَفُورٌ﴾ لذنوب التّائبين ﴿رَحِيمٌ﴾ بهم ومفضّل عليهم بالثّواب.
﴿خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ
لَهُمْ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١٠٣)﴾
روي أنّهم قالوا : يا رسول الله ، هذه أموالنا ، وإنّما تخلّفنا عنك بسببها ، فتصدّق بها وطهّرنا ، فقال : ما امرت أن آخذ من أموالكم شيئا. فنزل قوله تعالى (٢) : ﴿خُذْ﴾ يا محمّد ﴿مِنْ أَمْوالِهِمْ﴾ التي أعطوك ﴿صَدَقَةً﴾ حال كونك ﴿تُطَهِّرُهُمْ﴾ من الذّنوب التي خلطوها بأعمالهم الصّالحة ﴿وَتُزَكِّيهِمْ بِها﴾ وتنمّي بتلك الصّدقة أنفسهم بالكمال ، وأموالهم في الدّنيا والآخرة بالبركة والثّواب - وقيل : يعني تبالغ في تطهيرهم (٣) ، أو تعظيم شأنهم وتثني عليهم بها ﴿وَصَلِّ عَلَيْهِمْ﴾ وادع لهم بالخير والبركة والغفران ﴿إِنَّ صَلاتَكَ﴾ عليهم ودعاءك لهم ﴿سَكَنٌ لَهُمْ﴾ وطمأنينة تطمئنّ بها قلوبهم. وعن ابن عبّاس : إنّ دعاءك رحمة لهم (٤)﴿وَاللهُ سَمِيعٌ﴾ لاعترافهم وتوبتهم ومقالاتهم عند إعطائهم الصّدقة ودعائك لهم ﴿عَلِيمٌ﴾ بما في ضمائرهم من الصّدق والخلوص.
قيل : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله أخذ ثلث أموالهم لتكميل توبتهم ، وتكفير ذنوبهم التي منها تخلّفهم عن الغزو (٥) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أنّه كان إذا أتاه قوم بصدقتهم قال : « اللهم صلّ عليهم » (٦) .
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية : أجارية في الإمام بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : نعم(٧).
﴿أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ
التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤)﴾
__________________
(١) تفسير الرازي ١٦ : ١٧٥.
(٢) تفسير الرازي ١٦ : ١٧٥.
(٣) تفسير الرازي ١٦ : ١٧٩ ، تفسير أبي السعود ٤ : ٩٩.
(٤) تفسير الرازي ١٦ : ١٨٤.
(٥) تفسير روح البيان ٣ : ٤٩٥.
(٦) مجمع البيان ٥ : ١٠٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧١.
(٧) تفسير العياشي ٢ : ٢٥٥ / ١٨٧٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٧١.