عند الله ﴿كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ﴾ وبوحدانيّته ﴿وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ﴾ قيل : إنّ التّقدير : أجعلتم أهل سقاية الحاجّ كمن آمن ، أو سقاية الحاجّ كإيمان من آمن.
ثمّ أنّه تعالى بعد نفيه التّساوي بين المتّصفين بتلك الصّفات بإنكاره على مدّعيه ، صرّح بعدم تساويهم تأكيدا بقوله : ﴿لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ﴾ ثمّ عيّن المفضول بقوله : ﴿وَاللهُ لا يَهْدِي﴾ إلى خير وفضله ﴿الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ على أنفسهم بترك قبول الاسلام ، والقيام في الجهاد.
وقيل : إنّ المشركين قالوا لليهود : نحن سقاة الحاجّ ، وعمّار المسجد الحرام ، أفنحن أفضل أم محمّد وأصحابه ؟ فقالت اليهود : أنتم أفضل (١) .
وقيل : إنّ علىّ عليهالسلام قال للعبّاس بعد إسلامه : يا عمّي ، ألا تهاجرون ، ألا تلحقون برسول الله ؟ فقال : أ لست في أفضل من الهجرة ؛ أسقي حاجّ البيت ، وأعمر المسجد الحرام. فلمّا نزلت هذه الآية قال : ما أراني إلّا تارك سقايتنا ، فقال صلىاللهعليهوآله : « أقيموا على سقايتكم فإنّ لكم فيها خيرا » (٢) .
وعن ابن عبّاس : لمّا أغلظ عليّ الكلام للعبّاس ، [ قال العباس ] : إن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد ، فلقد كنّا نعمر المسجد الحرام ونسقي الحاجّ (٣) ، فنزلت.
وقال العلامة في ( نهج الحق ) : روى الجمهور في ( الجمع بين الصحاح الستة ) : أنّها نزلت في عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لمّا افتخر طلحة بن شيبة والعباس ، فقال طلحة : أنا أولى بالبيت لأنّ المفتاح بيدي ، وقال العباس : أنا أولى ، أنا صاحب السّقاية والقائم عليها ، فقال عليّ عليهالسلام : « أنا أوّل الناس إيمانا ، وأكثرهم جهادا » . فانزل الله هذه الآية (٤) .
وقال فضل بن روزبهان : هذا صحيح من رواية الجمهور (٥) .
القمّي رحمهالله : عن الباقر عليهالسلام : نزلت هذه الآية في عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ؛ قوله : ﴿كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ﴾(٦) .
وعنه : نزلت في عليّ عليهالسلام والعباس وشيبة ، قال العباس : أنا أفضل لأنّ سقاية الحاجّ بيدي ، وقال شيبة : أنا أفضل لأنّ حجابة البيت بيدي ، وقال عليّ عليهالسلام : « أنا أفضل ؛ فإنّي آمنت قبلكما ، ثمّ هاجرت وجاهدت » ، فرضوا برسول صلىاللهعليهوآله الله [ حكما ](٧) فأنزل الله [ الآية ] .
وزاد في رواية : « وضربت خراطيمكما بالسّيف حتّى آمنتما صلىاللهعليهوآله » (٨) .
وعن أحدهما عليهماالسلام : « نزلت في حمزة وعليّ وجعفر والعباس وشيبة ، إنّهم فخروا بالسّقاية
__________________
( ١و٣ ) تفسير الرازي ١٦ : ١١.
(٤) نهج الحق : ١٨٢.
(٥) دلائل الصدق ٢ : ١٥٩.
(٦) تفسير القمي ١ : ٢٨٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٨.
(٧) تفسير القمي ١ : ٢٨٤ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٨.
(٨) مجمع البيان ٥ : ٢٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٨.