هذه الفئة النّاكثة إلّا بآية من كتاب الله ، يقول الله : ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ﴾ الآية (١) .
عن الصادق عليهالسلام قال : « دخل عليّ اناس من أهل البصرة فسألوني عن طلحة والزّبير ، فقلت لهم : كانا أئمّة الكفر ، إنّ عليا عليهالسلام يوم البصرة لمّا صفّ الخيول قال لأصحابه : لا تعجلوا على القوم حتّى أعذر فيما بيني وبين الله وبينهم. فقام إليهم فقال : يا أهل البصرة ، هل تجدون عليّ جورا في حكم؟
قالوا : لا ، قال : فحيفا في قسمة ؟ قالوا : لا ، قال : فرغبة في دنيا أخذتها لي ولأهل بيتي دونكم ، فنقمتم عليّ فنكثتم بيعتي ؟ قالوا : لا ، قال : فأقمت فيكم الحدود وعطّلتها عن غيركم ؟ قالوا : لا ، قال : فما بال بيعتي تنكث وبيعة غيري لا تنكث ؟ إنّي ضربت الأمر أنفه وعينه فلم أجد إلّا الكفر أو السيف. ثمّ ثنى إلى أصحابه فقال : إنّ الله تعالى يقول في كتابه : ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ﴾ الآية ، ثمّ قال : والذي فلق الحبّة ، وبرأ النّسمه ، واصطفى محمّدا صلىاللهعليهوآله بالنبوّة ، إنّهم لأصحاب هذه الآية ، وما قوتلوا منذ نزلت » (٢) .
وعن أمير المؤمنين عليهالسلام : « عذرني الله من طلحة والزّبير ، إنّهما بايعاني طائعين غير مكرهين ، ثم نكثا بيعتي من غير حدث أحدثته ، والله ما قوتل [ أهل ] هذه الآية منذ نزلت حتّى قاتلتهم ﴿وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ﴾ الآية » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام : « من طعن في دينكم هذا فقد كفر ، قال الله : ﴿وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ﴾ الخبر (٤) .
﴿أَ لا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ
أَ تَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٣)﴾
ثمّ بالغ سبحانه في الحثّ على قتال المشركين النّاكثين ، بإنكاره التّقاعد عنه على المؤمنين ، وبيان استحقاقهم القتل بقوله : ﴿أَ لا تُقاتِلُونَ﴾ أيّها المؤمنون ﴿قَوْماً نَكَثُوا﴾ ونقضوا ﴿أَيْمانَهُمْ﴾ وعهودهم المؤكّده بها مع الرّسول والمؤمنين على أن لا يعاونوا عليهم أعداءهم في الحديبية - على ما قيل - ﴿وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ﴾ من مكّة حين تشاورهم في دار النّدوة ، وقيل : من المدينة لمّا أقدموا عليه من المشورة والاجتماع على قتله (٥)﴿وَهُمْ بَدَؤُكُمْ﴾ بالقتال والقتل ﴿أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ في بدر ، إذن فما يمنعكم عن قتالهم ﴿أَ تَخْشَوْنَهُمْ﴾ من أن يغلبوا عليكم (٦) ، أو ينالوكم بمكروه ﴿فَاللهُ﴾ القادر الغالب
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٨٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٤.
(٢) قرب الإسناد : ٩٦ / ٣٢٧ ، تفسير العياشي ٢ : ٢١٩ / ١٧٩٠ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٤.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢٢١ / ١٧٩٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٥.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٢٢٠ / ١٧٩٣ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٤.
(٥) تفسير الرازي ١٥ : ٢٣٥.
(٦) كذا والظاهر : يغلبوكم.