أميرا على الموسم.
وأمّا الوجه الثّالث : فإنّ القول بصلاة عليّ عليهالسلام خلف أبي بكر تخرّص بالغيب ، وعلى فرض التّسليم لا تنبيه فيه على إمامة أبي بكر ، وإلّا لكان في إمارة اسامة على الجيش الذي فيه أبو بكر وعمر وسائر أعيان الصّحابة سوى عليّ عليهالسلام ، تنبيه على إمامة أسامة بعد الرّسول صلىاللهعليهوآله ، مع أنّه صلىاللهعليهوآله كان عالما بأنّ أكثر أصحابه وامّته لا يعتنون بالنّصوص الجليّة الصّريحة على الإمامة ، فكيف يعتمدون بالتّنبيهات والإشعارات (١) .
فتبيّن أنّ الوجوه الثّلاثة لم تخرج إلّا من القلوب المشحونة بالعصبيّة وبغض عليّ عليهالسلام وحبّ أبي بكر ، حشرهم الله معه.
﴿وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ
الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ
مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٣)﴾
ثمّ أنّه تعالى بعد التبرّي عن المشركين المعاهدين ، أعلن بالبراءة من جميع المشركين بقوله : ﴿وَأَذانٌ﴾ وإعلان عام كائن ﴿مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ مرسل ﴿إِلَى﴾ جميع ﴿النَّاسِ﴾ من المسلمين والمشركين وغيرهم من الكفّار ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ - عن ابن عبّاس : هو يوم عرفة (٢) ، وقيل : يوم النّحر (٣) ، وقيل : جميع أيام منى (٤) - ﴿أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ ومنقطعة عصمته وعلقة ولايته منهم ﴿وَ﴾ كذا ﴿رَسُولِهِ﴾ فلا عصمة بينه وبينهم ولا عهد ، وليس لهم إلّا الإسلام أو السّيف ، فإذا كان كذلك ﴿فَإِنْ تُبْتُمْ﴾ أيّها المشركون إلى الله ، ودخلتم في حصن الإسلام ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾ وأنفع في الدّنيا والآخرة من البقاء على الكفر ، والإصرار على الغدر ﴿وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ﴾ وأعرضتم عن التّوبة وقبول دين الاسلام ﴿فَاعْلَمُوا﴾ وأيقنوا ﴿أَنَّكُمْ﴾ بسياحتكم في الأرض مدّة قليلة ، وتدبيركم وإعدادكم للحرب ﴿غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ﴾ وغير فائتين منه هربا ، وغير غالبين عليه قدرة وحربا ﴿وَبَشِّرِ﴾ يا محمّد ﴿الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ وأصرّوا على الشّرك والغدر ، وقل لهم تهكّما : أبشروا ﴿بِعَذابٍ أَلِيمٍ﴾ من القتل والأسر والخزي في الدّنيا ، ومن الدّخول في النّار في الآخرة.
عن العيّاشي : عن السجّاد : « الأذان أمير المؤمنين عليهالسلام » (٥) .
__________________
(١) كذا ، والظاهر : الاشارات.
(٢ و٣) . تفسير الرازي ١٥ : ٢٢١.
(٤) تفسير الرازي ١٥ : ٢٢١.
(٥) تفسير العياشي ٢ : ٢١٧ / ١٧٨١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢١.