محمد ، لا يؤدّي عنك إلّا رجل منك. فبعث رسول الله صلىاللهعليهوآله أمير المؤمنين عليهالسلام في طلبه ، فلحقه بالرّوحاء وأخذ منه الآيات ، فرجع أبو بكر إلى رسول الله فقال : يا رسول [ الله ] ، أنزل فيّ شيء ؟ قال : إنّ الله أمرني أن لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » (١) .
وعنه عليهالسلام : « أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم ليقرأها على النّاس ، فنزل جبرئيل عليهالسلام فقال : لا يبلّغ عنك إلّا عليّ ، فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله عليا عليهالسلام فأمره أن يركب ناقته العضباء ، وأمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة ويقرأها على النّاس بمكّة ، فقال أبو بكر : أسخطة ؟ فقال : لا ، إلّا أنّه انزل عليه أنّه لا يبلّغ إلّا رجل منك ، فلمّا قدم عليّ مكّة ، وكان يوم النّحر بعد الظّهر ؛ وهو يوم الحجّ الأكبر ، قام ثمّ قال : إنّي رسول رسول الله إليكم ، فقرأها عليهم ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ﴾ عشرين من ذي الحجّة ، والمحرّم ، وصفر ، وربيع الأول ، وعشرا من ربيع الآخر ، قال : لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك إلّا من كان له عهد عند رسول الله ، فمدّته إلى هذه الأربعة أشهر » (٢) .
وفي رواية محمّد بن مسلم : « قال أبو بكر : يا عليّ ، هل نزل فيّ شيء منذ فارقت رسول الله ؟ قال : لا ، ولكن أبى الله أن يبلّغ عن محمّد إلّا رجل منه. فوافى الموسم ، فبلّغ عن الله وعن رسوله بعرفة والمزدلفة ، ويوم النّحر عند الجمار ، وفي أيّام التّشريق كلّها ينادي ﴿بَراءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ﴾ الآية ، ويقول : لا يطوفنّ بالبيت عريان » (٣) .
وفي ( المجمع ) : روى أصحابنا « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله ولّاه أيضا الموسم ، وأنّه حين أخذ براءة من أبي بكر رجع أبو بكر » (٤) .
ثمّ اعلم أنّ الظاهر ممّا رواه العامّة ، فضلا عمّا رواه الخاصّة ، أنّ وجه تخصيص أمير المؤمنين عليهالسلام بتبليغ براءة وقراءتها على النّاس ، أنّه مرتبة من الرّسالة من الله ، لأنّ نقض عهد المشركين كان من الله لا من الرّسول نفسه ، ولا ينافي ذلك قوله عليهالسلام : إنّي رسول رسول الله.
ومن المعلوم أنّ إنذار الكفّار بالخزي ، وتبشيرهم بعذاب أليم ، كان وظيفة الرّسول ، أو وظيفة من هو قائم مقامه ومنزلته منه منزلة هارون من موسى ، ولذا لم يقل جبرئيل عليهالسلام : « أو رجل من أقاربك » كما لم يقل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل قال جبرئيل عليهالسلام : « أو رجل منك » وقال الرّسول صلىاللهعليهوآله : « أو رجل منّي »
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٨١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٩.
(٢) تفسير العياشي ٢ : ٢١٣ / ١٧٧١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٠.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢١٤ / ١٧٧٢ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢٠.
(٤) مجمع البيان ٥ : ٦ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٢١.