الْمُؤْمِنُونَ﴾ إيمانا ﴿حَقًّا﴾ وصدقا وخالصا لقيامهم بلوازمه ، وعملهم بمقتضاه ﴿لَهُمْ﴾ بسبب الإيمان الخالص ، والعمل الصّالح ﴿مَغْفِرَةٌ﴾ وستر لذنوبهم السّابقة ﴿وَرِزْقٌ كَرِيمٌ﴾ واسع كثير بلا منّ ولا تعب في الآخرة ﴿وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ﴾ - عن ابن عبّاس : بعد الحديبية ، وقيل : بعد بدر ، وقيل : بعد نزول الآية (١) - ولحقوا بالسّابقين من المؤمنين في اعتقاد التّوحيد ، وتبعيّة الرّسول صلىاللهعليهوآله ، وطاعة أوامره ﴿وَهاجَرُوا﴾ من أوطانهم إلى الرّسول صلىاللهعليهوآله ﴿وَجاهَدُوا﴾ أعداءه ﴿مَعَكُمْ﴾ وفي جماعتكم ﴿فَأُولئِكَ﴾ يعدّون ﴿مِنْكُمْ﴾ ويحسبون من زمرتكم ، ويكون لهم ما لكم.
ثمّ نسخ سبحانه حكم التّوارث بالهجرة والنّصرة بقوله : ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ﴾ وذوو القرابات النسبيّة من المؤمنين ﴿بَعْضُهُمْ أَوْلى﴾ وأحقّ في الإرث ﴿بِبَعْضٍ﴾ الأقرب إليهم ﴿فِي كِتابِ اللهِ﴾ وحكمه المنزل في القرآن ، أو المكتوب في اللّوح المحفوظ ﴿إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من الأشياء ، ومصلحة من المصالح ﴿عَلِيمٌ﴾ بذاته ، ومطّلع بإحاطته.
عن الصادق عليهالسلام : « كان عليّ عليهالسلام إذا مات مولى له وترك قرابة ، لم يأخذ من ميراثه شيئا ، ويقول : ﴿أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ﴾(٢) .
القمّي ، قال : هذه الآية نسخت : [ قوله ] : ﴿وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ﴾(٣).
أقول : نسخت إطلاقه.
عن الصادق عليهالسلام : « لا تعود الإمامة في أخوين بعد الحسن والحسين عليهماالسلام أبدا ، إنّما جرت من علي بن الحسين عليهماالسلام كما قال الله : ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ﴾ فلا تكون بعد علي بن الحسين عليهماالسلام إلّا في الأعقاب بعد الأعقاب » (٤) .
أقول : لعلّ المراد أنّ قضاء الله في نصب الأئمّة طابق حكمه في الميراث ؛ لأنّ الإمامة داخلة في حكم الإرث.
نقل الفخر الرّازي أن محمّد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب تمسّك بهذه الآية في كتابه إلى [ أبي ] جعفر المنصور على أنّ الإمام بعد رسول الله هو علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال : قوله تعالى ﴿وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ﴾ يدلّ على ثبوت الأولويّة (٥) ،
__________________
(١) تفسير الرازي ١٥ : ٢١٣.
(٢) الكافي ٧ : ١٣٥ / ٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٧ ، والآية من سورة الأحزاب : ٣٣ / ٦.
(٣) تفسير القمي ١ : ٢٨١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٧ ، والآية من سورة النساء : ٤ / ٣٣.
(٤) الكافي ١ : ٢٢٥ / ١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٧ ، وفيهما : إلّا في الأعقاب وأعقاب الأعقاب.
(٥) في المصدر : الولاية.