عَلَى اللهِ﴾ وفوّض الأمر في معاهدتك معهم إليه ، فإنّه ينصرك عليهم إذا نقضوها وعدلوا عن الوفاء بها ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ لمقالاتهم الخفيّة الخداعية ، وبضمائرهم السيّئة من إبطانهم المكر في الصّلح.
قيل : إنّها منسوخة بقوله : ﴿فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ﴾(١) ، وقوله : ﴿قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾(٢) .
وعن القمّي : أنّها منسوخه بقوله : ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ﴾(٣) .
أقول : في الجميع نظر.
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل : ما السّلم ؟ قال : « الدّخول في أمرنا » (٤) .
أقول : الرّواية مناسبة لقوله : ﴿ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾(٥) ، ولا ربط لها بهذه الآية.
﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ
* وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ
وَلكِنَّ اللهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٦٢) و (٦٣)﴾
ثمّ أكّد سبحانه وجوب التوكّل عليه عند الخوف من نقضهم العهد بقوله : ﴿وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ﴾ في طلب الصّلح ، ويمكروا بك بنقض العهد ، فلا تبال بهم ﴿فَإِنَّ حَسْبَكَ اللهُ﴾ وكفاك من شرّهم ، وينصرك عليهم ، فإنّه تعالى ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ﴾ وقوّاك ﴿بِنَصْرِهِ﴾ يوم بدر وغيره من أيّام عمرك ﴿وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ من المهاجرين والأنصار بعد بعثتك ﴿وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ بعد أن كان بينها من التّباعد والبغضاء قبل الإيمان بك ، بحيث ﴿لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾ لتؤلّف قلوبهم ﴿ما أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ﴾ لا متناعه بالأسباب العاديّة ﴿وَلكِنَّ اللهَ﴾ بقدرته الكاملة ﴿أَلَّفَ بَيْنَهُمْ﴾ قلبا وقالبا ، فصاروا بقدرته وتوفيقه كنفس واحدة ﴿إِنَّهُ عَزِيزٌ﴾ وغالب على أمره ، لا يستعصي شيء ممّا يريد ﴿حَكِيمٌ﴾ وعالم بمصالح الأمور وتدابيرها.
القمّي : كان بين الأوس والخزرج حرب شديدة وعداوة في الجاهلية ، فألّف الله بين قلوبهم ونصر بهم نبيّه صلىاللهعليهوآله (٦) .
__________________
(١) التوبة : ٩ / ٥.
(٢) تفسير الرازي ١٥ : ١٨٧ ، والآية من سورة التوبة : ٩ / ٢٩.
(٣) تفسير القمي ١ : ٢٧٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٢ ، والآية من سورة محمد صلىاللهعليهوآله : ٤٧ / ٣٥.
(٤) تفسير العياشي ٢ : ٢٠٤ / ١٧٥٥ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٢.
(٥) البقرة : ٢ / ٢٠٨.
(٦) تفسير القمي ١ : ٢٧٩ ، تفسير الصافي ٢ : ٣١٣.