الْمُنافِقُونَ﴾(١) إلى آخره.
﴿وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ
وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ * ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ
لِلْعَبِيدِ(٥٠) و (٥١)﴾
ثمّ بيّن سبحانه كيفيّة موت المشركين في بدر وتعذيبهم ، بقوله : ﴿وَلَوْ تَرى﴾ يا محمّد ﴿إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ ويقبض أرواحهم ﴿الْمَلائِكَةُ﴾ الموكّلون على قبض الأرواح ، وهم بعد قبض أرواحهم ﴿يَضْرِبُونَ﴾ بمقامع من حديد تلتهب منها النّار - على ما قيل - ﴿وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ﴾ وظهورهم - وعن العيّاشي : إنّما أراد وأستاههم (٢) ، إنّ الله كريم يكنّي (٣) - ﴿وَ﴾ يقولون : ﴿ذُوقُوا﴾ واطعموا أيّها المشركون بعد القتل والخزي في الدّنيا ﴿عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ وألم النّار المحرقة.
عن ابن عبّاس : قول الملائكة : ﴿ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ﴾ إنّما صحّ لأنّه كان مع الملائكة مقامع كلّما ضربوا بها التهبت النّار في الأجزاء والأبعاض (٤) .
ثمّ بيّن سبحانه علّة استحقاقهم بقوله : ﴿ذلِكَ﴾ المذكور من الضّرب ، وذوقهم عذاب النّار ، يكون ﴿بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ وما كسبت جوارحكم باختياركم ؛ من الشّرك والمعاصي ، ومعارضة الرّسول ﴿وَ﴾ بسبب ﴿أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ يعطي كلّا ما يستحقّه ، فلا يدخل المطيع النّار ، ولا المسيء الجنّة.
﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ
اللهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (٥٢)﴾
ثم بيّن سبحانه أنّ عادة قريش ودأبهم في معاندة الحقّ ، ومعارضة الرّسول صلىاللهعليهوآله ﴿كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَ﴾ الكفّار ﴿الَّذِينَ﴾ كانوا ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ وسيرتهم في تكذيب آيات الله ومعجزات الّرسول ، تكون كسيرتهم.
ثمّ كأنّه قيل : ما كان دأب آل فرعون وأضرابهم ؟ فأجاب بقوله : ﴿كَفَرُوا﴾ وكذّبوا ﴿بِآياتِ اللهِ﴾ ومعجزات رسله ﴿فَأَخَذَهُمُ اللهُ﴾ وعذّبهم بالغرق والرّيح والصّاعقة ﴿بِذُنُوبِهِمْ﴾ الموبقة ، كما أخذ
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٦٦.
(٢) الاست : العجز.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢٠٤ / ١٧٥١ ، تفسير الصافي ٢ : ٣٠٩.
(٤) تفسير الرازي ١٥ : ١٧٨.