أن يظنّ ظانّ أنّ هؤلاء السبعة المتأخّرين قراءة كلّ واحد منهم أحد الحروف السبعة المنصوص عليها؟! هذا تخلّف عظيم ، أكان ذلك بنصّ من النبيّ؟ أم كيف ذلك؟ وكيف يكون ذلك؟ والكسائي إنّما أُلحق بالسبعة بالأمس في أيّام المأمون وغيره ـ وكان السابع يعقوب الحضرمي ـ فأثبت ابن مجاهد في سنة ثلاثمائة ونحوها الكسائي موضع يعقوب»(١). هذا أوّلاً.
وثانياً : إنّ اختلاف القراءات قد يبعدنا عن القراءة الصحيحة بعض الشيء ، لكنّه لا يخرجنا عن أصل القرآن ، لأنّ مادّة القرآن واحدة وإن اختلف في الهيئة والإعراب.
مع التأكيد على أنّ القراءات قد تكون من اجتهادات القرّاء أو تمحّلات أهل العربية ، فلا يمكن الاعتماد عليها لعدم ثبوت كونها روايات ، وحتّى لو ادّعي كونها روايات ورواتها ثقات فلم يثبت أنّ جميعها كانت كذلك ، وإنّ تعارض بعض القراءات مع الأخرى يسقطها من الحجّية ، لأنّ تخصيص بعضها بالأخذ دون غيرها ترجيحٌ بلا مرجّح ، وقد حكى صاحب الجواهر عن الشيخ الطوسي في تبيانه : إنّ المعروف من مذهب الإمامية والتطلّع في أخبارهم ورواياتهم أنّ القرآن نزل بحرف واحد على نبيّ واحد ، غير أنّهم أجمعوا على جواز القراءة ، فإن الإنسان مخيّر بأيّ قراءة شاء ، وكرهوا تجريد قراءة بعينها»(٢).
وقال الأستاذ الأكبر في حاشية المدارك : «لا يخفى أنّ القراءة عندنا
__________________
(١) انظر البرهان ١/٣٢٩.
(٢) ...