دليل على عدم تواتر القراءات عندهم ؛ لأنّه لو كان متواتراً عندهم لما جاز لهم تركه ، بل لما استوجب تركهم لقراءات أقرانهم تفسيقهم بل ربّما تكفيرهم.
إنّ اهتمام الصحابة والتابعين كان دائماً بتواتر القرآن لا بتواتر كيفيّة قراءته ، خصوصاً مع يقيننا بأنّ بعض القراءات جاءت وفقاً للاجتهاد ، وقد أثّر عليها علماء العربيّة ، وأنّ بعضها أُخذ سماعاً من الآحاد وهو ليس بمتواتر ، وهذا ممّا لا يمكن أن ينكره أحد.
وعليه ، فالدليل لو صحّ لكانت جميع القراءات متواترة لا السبعة والعشرة منها فقط ، إذ لا ترجيح للسبعة على غيرها ، كما جاء هذا في كلام أعلامهم.
وأمّا ما استدلّوا به على تواتر القراءات وأنّها لو لم تكن لما كان القرآن متواتراً ، فقد أجاب عنه السيّد الخوئيّ بالقول :
«١ ـ إنّ تواتر القرآن لا يستلزم تواتر القراءات ، لأنّ الاختلاف في كيفيّة الكلمة لا ينافي الاتفاق على أصلها ، ولهذا نجد أنّ اختلاف الرواة في بعض ألفاظ قصائد المتنبّي ـ مثلاً ـ لا يصادم تواتر القصيدة عنه وثبوتها له ، وإنّ اختلاف الرواة في خصوصيّات هجرة النبيّ لا ينافي تواتر الهجرة نفسها.
٢ ـ إنّ الواصل إلينا بتوسّط القرّاء إنّما هو خصوصيات قراءاتهم ، وأمّا أصل القرآن فهو واصل إلينا بالتواتر بين المسلمين ، وبنقل الخلف عن السلف ، وتحفّظهم على ذلك في صدورهم وفي كتاباتهم ، ولا دخل للقرّاء في ذلك أصلاً ، ولذلك فإنّ القرآن ثابت التواتر حتّى لو فرضنا أنّ هؤلاء القرّاء السبعة أو العشرة لم يكونوا موجودين أصلاً ، وعظمة القرآن أرقى من أن