«كنت في حرس الحجّاج ابن يوسف ، فكتب الحجّاج المصاحف ـ منقّطة ، ومشكّلة ، ومخمّسة ، ومعشّرة ، على يد نصر بن عاصم اللّيثي ، وصاحبه يحيى بن يعمر ، تلميذي أبي الأسود الدؤلي ـ ، ثمّ بعث بها إلى الأمصار ، وبعث بمصحف إلى المدينة ، فكره ذلك آل عثمان ، فقيل لهم : أخرجوا مصحف عثمان ليُقرأ ، فقالوا ـ ضنّاً به ـ : أصيب المصحف يوم مقتل عثمان.
قال محرز : وبلغني أنّ مصحف عثمان صار إلى خالد بن عمرو بن عثمان.
قال : فلمّا استخلف المهدي العبّاسي ، بعث بمصحف إلى المدينة ، فهو الذي يقرأ فيه اليوم ، وعزل مصحف الحجّاج ، فهو في الصندوق الذي دون المنبر»(١).
قال ابن زبالة : حدّثني مالك بن أنس ـ إمام المالكيّة ـ قال : «أرسل الحجّاج إلى أمّهات القرى بمصاحف ، فأرسل إلى المدينة بمصحف منها كبير ، وهو أوّل من أرسل بالمصاحف إلى القرى ، وكان هذا المصحف في صندوق عن يمين الأسطوانة التي عُملت علماً لمقام النبيّ(صلى الله عليه وآله) ، وكان يفتح في يوم الجمعة والخميس ، ويُقرأ فيه إذا صُلّيت الصبح. فبعث المهدي بمصاحف لها أثمان ، فجعلت في صندوق ، ونُحّي عنها مصحف الحجّاج ، فوضعت عن يسار السارية ، ووضعت لها منابر كانت تقرأ عليها ، وحمل مصحف الحجّاج في صندوقه ، فجعل عند الأسطوانة التي عن يمين المنبر»(٢).
__________________
(١) تاريخ المدينة ١/٩ / ح ١٠.
(٢) وفاء الوفا للسمهودي ٢/٦٦٧ و ٦٦٨ باب بعث المصاحف إلى المساجد.