هو ممّن انتهت إليه مشيخة الإقراء والنحو في البصرة في عصره.
نعم ، إنّ بعض علماء العربيّة كانوا عارفين بالقراءات القرآنية ، وكان لهم اختيار في القراءة ، لكن لم يؤخذ باختيارهم لعدم صحّة سنده ، فهذا عيسى ابن عمر الثقفي (ت ١٤٩ هـ) كان عالماً بالنحو على مذهب أهل البصرة ، غير أنّه كان له اختيار في القراءة على مذاهب العربية ، يفارق قراءة العامّة ، ويستنكرها الناس ، وكان الغالب عليه حبّ النصب ما وجد إلى ذلك سبيلاً(١) ، فلم يؤخذ باختياره.
ومثله ابن محيصن (ت ١٢٣ هـ) ، الذي يقول عنه ابن مجاهد : كان ابن محيصن عالماً بالعربية ، وكان له اختيار لم يتبع فيه أصحابه .. يُروى عن مجاهد(٢) أنّه كان يقول : ابن محيصن يبني ويرصص في العربية ، يمدحه بذلك ... ولم يجمع أهل مكّة على قراءات ، كما أجمعوا على قراءة ابن كثير.
والسبب في ذلك واضح ، صرّح به ابن مجاهد بأكثر ممّا سبق ، فقد ذكر ابن الجزري عن ابن مجاهد أنّه قال : وكان لابن محيصن اختيار في القراءة على مذهب العربية ، فخرج به عن إجماع أهل بلده ، فرغب الناس عن قراءته وأجمعوا على قراءة ابن كثير لإتباعه(٣).
وقد عرفت بأنّهم شدّدوا النكير على ابن شنبوذ ومحمّد بن الحسن بن
__________________
(١) غاية النهاية ١/٦١٣ / الترجمة ٢٤٩٨.
(٢) هو مجاهد بن جبر، أحد أعلام التابعين.
(٣) غاية النهاية ٢/١٦٧ / الترجمة ٣١١٨.