الصحيحة التي لا يجوز ردها ولا يحلّ إنكارها ، بل هي من الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها ، سواء كانت عن الأئمّة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمّة المقبولين ، ومتى اختلّ ركنٌ من هذه الأركان الثلاثة أُطلق عليها ضعيفة أو شاذّة أو باطلة ، سواء كانت عن السبعة أم عمّن هو أكبر منهم ؛ هذا هو الصحيح عند أئمّة التحقيق من السلف والخلف»(١).
هذه هي الأصول الثلاثة التي لحظوها في القراءة الصحيحة ، فلنناقشها أصلاً أصلاً.
فالركن الأوّل ـ أعني موافقة اللغة العربية ـ وإن كان ركناً أصيلاً في الغالب عندهم ، إلاّ أنّه يستلزم أن تكون القواعد العربية أصيلة مع كثرة الاختلاف فيها ، وهي بلا شك لم تكن أسبق من نصّ القرآن ، بل إنّ هذه القواعد مستقاة من لغة العرب والاستعمال ، ولا نصّ أوثق من القرآن ، فإخضاع النصّ القرآني ـ المتقدّم على القواعد ـ للقواعد العربيّة المتأخّرة زمناً ممّا لا يستساغ علميّاً.
وقد حكى البغدادي أنّ النحاة في عصر أبي عمرو بن العلاء (ولد ٦٨ ـ توفّي ١٥٤ هـ) أنكروا على القرّاء ـ بعضاً من قراءاتهم ـ ففزع أحدهم إلى أبي عمرو بن العلاء قائلاً له : «إنّ أصحاب النحو يلحنوننا ... فقال له : هي جائزة أيضاً لا نبالي إلى أسفل حركتها أو إلى فوق»(٢). علماً أنّ أبا عمرو بن العلاء
__________________
(١) النشر في القراءات العشر ١/١٣.
(٢) خزانة الأدب للبغدادي ٤/٣٩٧.