من الشواذ ؛ وإنّما يذكر ما يذكر من الشواذ ؛ ليكون دليلاً على حسب المدلول عليه أو مرجّحاً.
وقال مكّي القيسي (ت ٤٣٧ هـ) : وقد اختار الناس بعد ذلك ، وأكثر اختياراتهم إنّما هو في الحرف إذا اجتمع فيه ثلاثة أشياء : قوّة وجه العربيّة ، وموافقته للمصحف ، واجتماع العامّة عليه ، والعامّة عندهم ما اتّفق عليه أهل المدينة وأهل الكوفة ، فذلك عندهم حجّة قوية توجب الاختيار. وربّما جعلوا العامّة ما اجتمع عليه أهل الحرمين ، وربّما جعلوا الاعتبار بما اتّفق عليه نافع وعاصم ؛ فقراءة هذين الإمامين أولى القراءات ، وأصحّها سنداً وأفصحها في العربية ، ويتلوها في الفصاحة خاصّة قراءة أبي عمرو والكسائي.
وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة : كلّ قراءة ساعدها خطّ المصحف ، مع صحّة النقل فيها ، ومجيئها على الفصيح من لغة العرب ، فهي قراءة صحيحة معتبرة ، فإن اختل أحد هذه الأركان الثلاثة أطلق على تلك القراءة أنّها شاذّة وضعيفة ، أشار إلى ذلك جماعة من الأئمّة المتقدّمين ، ونصّ عليه الشيخ أبو محمّد مكّي بن أبي طالب القيرواني في كتاب مفرد صنّفه في معاني القراءات السبع ، وأمر بإلحاقه بكتاب الكشف ، وذكره شيخنا أبو الحسن في كتابه جمال القراء»(١).
وقال ابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) : «كلّ قراءة وافقت العربية ولو بوجه ، ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً ، وصحّ سندها ، فهي القرءاة
__________________
(١) البرهان ١/٣٣١.