كرهه الأوّلون ، ولم يفتوا به ، لمصلحة رأيناها وحكمة تبنّيناها.
وإذا سُمح لنا بكتابة القرآن طبق الإملاء الجديد وترك القديم ، فما يعني ما قالوه عن توقيفيّة الرسم العثمانيّ وأنّ مَن تخطّى عنه فهو كافر؟
بل ما هي قيمة هذه الضوابط الثلاثة التي ذكروها في العصور المتأخّرة للقراءة الصحيحة؟ والتي قالوا عنها بأنّها شروط لو فُقِد أحدها لأصبحت القراءة شاذّة لا يصحّ القراءة بها لا في الصلاة ولا في غيرها ، وتسقط عن كونها قرآناً رأساً ، سواءً كانت من السبعة أم من غيرها ، والشروط المذكورة هي :
١ ـ ما وافق العربيّة من وجه.
٢ ـ ما وافق رسم أحد المصاحف العثمانيّة ولو تقديراً.
٣ ـ ما صحّ سنده وتواترت القراءة به.
فشيوع القراءة بين المسلمين وصحّة إسنادها وتلقّي الأئمّة لها بالقبول هو الأصل الأصيل والركن الأقوم لصحّة القراءة ، أمّا الشرطان الآخران من موافقة العربيّة والرسم العثمانيّ فهما تبعيّان لا أصليّان ، وإليك كلام بعض علماء الجمهور في هذا الباب :
قال الشيخ موفّق الدّين الكواشي (ت ٦٨٠ هـ) : «كلّ ما صحّ سنده واستقام مع جهة العربيّة ، وافق لفظه خطّ المصحف الإمام فهو من السبع المنصوص عليها ، ولو رواه سبعون ألفاً مجتمعين أو متفرّقين. فعلى هذا الأصل يبني من يقول : القراءات عن سبعة كان أو سبعة آلاف ، ومتى فقد واحد من هذه الثلاثة المذكورة في القراءة فاحكم بأنّها شاذّة ؛ ولا يقرأ بشيء