القرآن ولا من آيه الكريم؟»(١).
قال ابن طاووس بهذا الكلام لأنّه الواقف على اختلاف القراءات عندهم ، وأنّه يمكن أن يقرأ بأشكال مختلفة ، كمثل ما روي عن ورقاء ، عن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عبّاس ، عن أُبيّ بن كعب أنّه كان يقرأ قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْـمُنَافِقُونَ وَالْـمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظرونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ) : (للذين آمنوا أمهلونا) ، (للذين آمنوا أخرونا) ، (للذين آمنوا ارقبونا)(٢).
وقيل عنه بأنّه كان يقرأ قوله تعالى : (كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا) : (مرّوا فيه) ، (سعوا فيه)(٣) ، فإنّ تجويز ذلك هو معنى آخر لما افتراه ابن أبي سرح ـ أخو عثمان من الرضاعة ـ من أنّ رسول الله كان يقول له : أكتب : (سميع عليم) ، فكان يكتب : (عليم حكيم) ، ورسول الله كان يمضيهما(٤).
التوقّف على الرسم العثماني :
وبعد كلّ هذا نعيد السؤال مرّة أخرى : إذا كنّا ملزمين بالتعبّد بالهجاء القديم والرسم العثماني وعدم تنقيط المصحف ، فلماذا نُقّط ونُمّق المصحف وأُدخلت فيه إشارات وعبارات لم يرض بها الأقدمون؟ أي أنّا أدخلنا عليه ما
__________________
(١) سعد السعود : ١٤٤ ـ ١٤٥ بتصرف.
(٢) الاستذكار لابن عبد البر ٢/٤٨٣.
(٣) التمهيد لابن عبد البر ٨/٢٩١.
(٤) تاريخ دمشق ٢٩/٣٤.