من حروف القرآن الواحد تلو الآخر(١).
وفي حديث (١٣٧) ذكر اختلاف (إمام) أهل الشام و (إمام) أهل العراق ، وفي حديث (١٣٨) ذكر ما جاء في (إمام) أهل الشام و (إمام) أهل الحجاز ، وهكذا ..(٢)
وعليه ، فالاختلاف بين مصحفي أهل المدينة والعراق ـ كما قالوا ـ كان في إثني عشر حرفاً ، وبين مصحفي أهل الشام والعراق كان نحو أربعين حرفاً ، وبين مصحفي أهل الكوفة والبصرة في خمسة أحرف ، مع التنويه إلى أنّ كلّ كلمة من هذه الاختلافات كانت تسبب اختلافات أخرى لأجل عدم التنقيط ، وما كان يفعله أهل العربية بالقرآن من إعطاء وجوه داعمة لهذا أو ذاك ، كلّ ذلك ممّا وسّع الشرخ ودعاهم للاختيار من بينها.
نعم ، إنّ عثمان بن عفّان ـ وبمنهجيّته الخاطئة في المصاحف ـ قد شرعن الاختلاف بين المسلمين ، لأنّه لو كان يريد الأخذ بالقراءة الواحدة لكان عليه التصدّي بنفسه لذلك والبتّ بقراءة واحدة وحذف القراءات الأخرى ، أمّا التذبذب والخوف من الآخرين واتّخاذه القرار الضعيف والإقدام الخجول ، والسماح بالأخذ بجميع القراءات بجنب ما يعتمده من القراءة ، قد أثّر على عملية توحيد المصاحف ، فانقلب عمل عثمان من عمل يدّعي أنّه إيجابي إلى عمل سلبي يضرّ بالقرآن وحجّيّته ، لأنّ الاختلاف بهذه الطريقة وشرعنة هذا الخلاف بقواعد ومبرّرات أخذ يزداد شيئاً فشيئاً ، حتّى صار
__________________
(١) المصاحف ١/٢٦٣ /ح ١٣٥.
(٢) المصاحف ١/٢٧٢ / ح ١٣٨.