وجماعة أنّ الكتاب موضوع لا أصل له»(١). ثمّ أخذ ابن الجزري يعدّ بعض تلك القراءات الباطلة والمخالفة لأبده البديهيّات ، فإذا كان الشذوذ يعني مخالفة القراءات السبع ، فابن الجزري هو أوّل المجيزين للشاذ ، لأنّه كتب النشر في القراءات العشر ، وقد صنّف قبله وبعده أئمّة آخرون كالقاسم بن سلام حيث صنّف كتاباً جمع فيه قراءة خمسة وعشرين إماماً ، وإسماعيل بن إسحاق البغدادي جمع قراءة عشرين إماماً ، وهكذا أُلّفت كتب في القراءات الثلاثة عشر أو الأربعة عشر أو العشرين أو ...
كما نقلوا لنا عن محمّد بن الحسن المعروف بابن مقسم العطّار ، ومحمّد بن أحمد بن أيّوب بن شنبوذ (ت ٣٢٨ هـ) ، أنّهما كانا يقرءان بالشواذّ الّتي تخالف رسم الإمام ، فنقموا عليهما لذلك وبالغوا [في ذلك] وعزّروا ابن شنبوذ(٢) ، فإنّه كان يقرأ في المحراب في بعض صلواته بحروف مرويّة عن عبد الله بن مسعود وأُبيّ بن كعب تخالف مصحف عثمان بن عفّان(٣). فاستدعاه الوزير ابن مقلة في سنة (٣٢٣ هـ) ، وأحضر القضاة والفقهاء والقرّاء وفي مقدّمتهم ابن مجاهد ، فاعترف بما نُسب إليه بكلّ جرأة ودافع عمّا يعتقد به ، ولم يتراجع عما هو عليه إلاّ تحت ضرب السياط ، إذ أمر الوزير بضربه أسواطاً وحبسه ، وهو يدعو على الوزير بأن يقطع الله يده ويشتّت شمله ، حتّى استتابوه عن تلك التلاوة قسراً ، وقد كُتب عليه ذلك بمحضر ،
__________________
(١) النشر في القراءات العشر ١/١٦.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٥/٢٦٥ / الترجمة ١١٣.
(٣) تاريخ بغداد ١/٢٨٠.