«وكان المصحف إذ كتبوه لم ينقّطوه ، ولم يضبطوا إعرابه ، فتمكّن لأهل كلّ مصر أن يقرؤوا الخطّ على قراءتهم الّتي كانوا عليها ممّا لا يخالف صورة الخطّ.
فقرأ قومٌ مصحفهم : (من كلّ حَدَب) بالحاء والباء على ما كانوا عليه ، وقرأ الآخرون : (من كلّ جَدَث) بالجيم والثاء على ما كانوا عليه ، وقرأ قوم : (يقصّ الحق) بالصاد على ما كانوا عليه ، وقرأ قوم : (يقض الحقّ) بالضاد على ما كانوا عليه.
وكذلك ما أشبه هذا ، لم يخرج أحدٌ في قراءته عن صورة خطّ المصحف.
فهذا سبب جمع المصحف وسبب الاختلاف الواقع في خطّ المصحف»(١).
وجود مصاحف للصحابة بعد حرق عثمان لها :
رغم كلّ ما تقدّم ورغم اعتماد عثمان على صغار الصحابة لأمر تدوين القرآن ، ورغم إحراقه للمصاحف ، رغم كلّ ذلك بقيت مصاحف كثير من الصحابة محفوظة منتشرة بين المسلمين ؛ لأنّ منهج عثمان الخاطئ جعل كبار الصحابة وأتباعهم ينشرون قراءاتهم بين المسلمين بدون أيّ خوف ووجل ، ويوصون أصحابهم بأن يغلّوا مصاحفهم أو أن يحافظوا على ما أخذوه منهم ،
__________________
(١) الإبانة عن معاني القراءات : ٦٨ ـ ٦٩.