عثمان بن عفّان ، ولا أستبعد أن يكون الأُمويّون هم وراء طرح مثل هكذا أفكار ، لأنّهم قالوا بأنّ حرب بن أميّة هو الذي علّم العرب الكتابة ، وأنّ عمر ابن الخطّاب ومن بمكّة من قريش تعلّموا الكتابة من حرب الأموي(١) ، وأنّ عثمان بن عفّان الأموي وحده قد جمع المصاحف ووحّدها ، وأنّ عبد الملك ابن مروان هو الذي أعجم المصاحف ، وأنّ أبا الأسود الدؤلي كتب النحو استجابةً لطلب زياد ابن أبيه(٢) ، إلى غيرها من عشرات المسائل التي ترفع بضبع بني أميّة دون غيرهم من القبائل العربية.
فإنّهم أخذوا ينسبون كلّ الأمور إلى الأمويّين ، وفي المقابل قالوا عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إنّه كان لا يعرف القراءة والكتابة ـ والعياذ بالله ـ وإنّ كتاب الله لم يكن مدوَّناً على عهده(صلى الله عليه وآله) ، وإنّ الصحابة حفظوه في الصدور ولم يكتبوه في السطور ، وإنّ الإمام عليّاً عليهالسلام ترحّم على أبي بكر لجمعه القرآن بين اللّوحين ، مع أنّه عليهالسلام الجامع للقرآن ـ حسب ما عرفت من خلال هذه الدراسة ـ ونسبوا إليه قوله دفاعاً عن حرق عثمان للمصاحف : «لو كنت لفعلت مثل الذي فعل ، و...».
وإليك الآن بعض الروايات المؤكّدة لتصحيف بعض الكتّاب لآي الذكر حسب اعتراف الصحابة وأمّهات المؤمنين :
(منها ما في مسند أحمد عن أبي خلف مولى بن جُمَح «أنّه دخل مع
__________________
(١) المصاحف ١/١٥٣ / تحت ذيل الحديث ١٣ ، وفيه : وتعلّمه معاوية من عمّه سفيان ابن حرب.
(٢) مناهل العرفان ١/٢٨١ ـ ٢٨٢.