وصار له في ذلك نهج وأسلوب في الكتابة ... والغرض أنّ الكتابة لمّا كانت ذلك الزمان لم تُحكم جيّداً وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى ، وصنَّف الناس في ذلك»(١).
وقال الأستاذ غانم قدّوري : «يفهم من قول ابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) أنّ الكتابة لمّا كانت في ذلك الزمان لم تُحكم جيّداً وقع في كتابة المصاحف اختلاف في وضع الكلمات من حيث صناعة الكتابة لا من حيث المعنى»(٢).
وأطنب ابن خلدون (ت ٨٠٨ هـ) في بيان هذا الأمر فقال : «... فكان الخطّ العربيّ لأوّل الإسلام غير بالغ إلى الغاية من الإحكام والإتقان والإجادة ، ولا إلى التوسّط ، لمكان العرب من البداوة والتوحّش وبعدهم عن الصنائع ، وانظر ما وقع لأجل ذلك في رسمهم المصحف حيث رسمه الصحابة بخطوطهم ، وكانت غير مستحكمة في الإجادة ، فخالف الكثير من رسومهم ما اقتضته رسوم صناعة الخط عند أهلها ، ثمّ اقتفى التابعون من السلف رسمهم فيها تبرّكاً بما رسمه أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) وخير الخلق من بعده المتلقّون لوحيه من كتاب الله وكلامه ، كما يُقتفى لهذا العهد خطّ وليّ أو عالم تبرّكاً ويُتَّبع رسمه خطأ أو صواباً ، وأين نسبة ذلك من الصحابة فيما كتبوه ، فاتُّبع ذلك ، واُثبت رسماً ، ونبّه العلماء بالرسم على مواضعه. ولا تلتفتنّ في ذلك إلى ما يزعمه بعض المغفّلين من أنّهم كانوا محكمين لصناعة الخطّ ، وأنّ ما
__________________
(١) فضائل القرآن : ٣٩ باب كتابة عثمان للمصاحف.
(٢) هامش رسم المصحف : ٢٠٨ ـ ٢٠٩ عن فضائل القرآن : ٣٩.