على العربيّة ومقدار موافقة القراءة الشاذّة للشائع في الأساليب واللّغات(١).
كما حفظ ابن منظور غير قليل من القراءات الشاذّة في لسان العرب ، وروى كثيراً من آراء النحويّين واللّغويّين واعتمادهم على القراءات الشاذّة ، وقال ابن الجزري : «لا زال الناس يؤلّفون في كثير القراءات وقليلها ، ويروون شاذّها وصحيحها ، بحسب ما وصل إليهم أو صحّ لديهم ، ولا ينكر أحدٌ عليهم ، بل هم في ذلك متّبعون سبيل السلف ، حيث قالوا : القراءة سنّةٌ متّبعة ، يأخذها الآخر عن الأوّل ، وما علمنا أحداً أنكر شيئاً قرأ به الآخر إلاّ ما قدّمنا عن ابن شنبوذ ، لكنّه خرج عن المصحف العثماني ، وللناس في ذلك خلافٌ كما قدّمناه ...»(٢).
كلّ ذلك يؤكّد بأنّ عثمان بن عفّان لم يكن موفّقاً في عمله.
وقد كتب أبو العبّاس المراكشي الشهير بابن البنّاء (ت ٧٢١ هـ) كتاباً باسم عنوان الدليل في مرسوم خطّ التنزيل ، وكذا الزركشي قد أجاب عن بعض إشكالات الرسم والنحو واللّحن الموجودة في القرآن الكريم ـ في النوع الخامس والعشرين من البرهان ـ ، لكنّ غالب الإجابات في الكتابين منقوضة بأمور أخرى ، لأنّ الصحابة لم يذكروا العلّة التي كتبوا من أجلها المصحف بذلك الشكل ، والذي اشتُهر فيما بعد بالرسم العثماني ، فإنّ الكتبة للرسم لم ينظروا إلى العلل النحويّة والصرفية الّتي استُنبطت فيما بعد ، من قبيل ما قاله الزركشي ، كما أنّهم لم يلحظوا الأمور الباطنيّة التي لحظها ابن البنّاء المراكشي
__________________
(١) القراءات القرآنية في بلاد الشام : ٨٠.
(٢) النشر ١/٣٥.