القراءات ، فإنّ بعض ما نُقل عن السبعة شاذّ فضلاً عن غيرهم»(١).
وعليه ، فعثمان بمنهجيّته عمّق الخلاف بين المسلمين فضلاً عن أن يكون قد وحّدهم على قراءة واحدة كما يدّعون ، ويكفيك أن تتأمّل فيما رواه عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر ، إذ قال : «لمّا فُرغ من المصحف أُتي به عثمان ، فنظر فيه فقال : قد أحسنتم وأجملتم ، أرى شيئاً من لحن سنقيمه بألسنتنا»(٢).
وما رواه عكرمة ، قال : «لما كُتبت المصاحف عُرضت على عثمان ، فوجد فيها حروفاً من اللّحن ، فقال : لا تغيّروها ، فإنّ العرب ستغيّرها ، أو قال : ستعربها بألسنتها ، لو كان الكاتب من ثقيف والمملي من هذيل لم توجد هذه الحروف»(٣).
يكفيك أن تتأمّل في مثل هذه النصوص لتراها صريحة بأنّ اللّحن ليس في جميع المصحف ، بل في بعضه ، لقوله : «أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا» ، أو : «فوجد فيها حروفاً من اللّحن» ، وهذا الشيء القليل كان يمكن رفعه وردمه ولا يجوز تركه حتّى يزداد يوماً بعد يوم إلى أنّ يصل إلى عشرات القراءات ، لأنّ عثمان بتركه تصحيح الملحون فتح المجال للعرب للتغيير في القرآن ، لكن أنّى لهم ذلك ، إذ بقي النصّ القرآني واحداً في جميع الأدوار وعند جميع المذاهب لم يزل ولا يزال باقياً حتّى يوم النشور.
__________________
(١) الحدائق الناضرة ٨/٩٥ ـ ٩٦ عن سبط الشهيد.
(٢) تاريخ المدينة ٢/١٢٩ /ح ١٦٧٣ ، باب كتابة القرآن وجمعه.
(٣) الإتقان ١/٥٣٦ /ح ٣٤٨٣ ، عن ابن الأنباري في المصاحف.