ورابعاً : إنّ اختلاف زيد مع غيره في كتابة (التابوت) بالهاء أو بالتاء ، أو أنّ كتابة البسملة مع الألف كما في سورتي العلق والواقعة (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، وقوله تعالى : (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ) أو بدونها (بِسْمِ الله الرَحْمن الرَّحيم) كما في أوائل السور ، لا يضرّ بقدر ما يضرّ كتابة وقراءة (حتّى يَطْهُرن) و (حتّى يطّهّرنَ) ، أو قراءة قوله : (لامَسْتُمُ النِّسَاء) بـ (لمستم النساء) ، فإنّ القراءة بهكذا قراءات مغيّرة للمعنى تماماً ، ثمّ تجويز ذلك هو الذي يسيء إلى الدين وأحكامه ، لا كتابة (التابوت) بالهاء أو التاء.
نعم ، إنّ عثمان بن عفّان زعم أنّه كان يريد أن يوحّد الأمّة ، لكنّه في الواقع كان أراد أن يرقع ما فتقه سابقه في مشكلة أهم من سابقتها ، لكنّ الصحابة رغم رفضهم لمنهج عثمان التزموا بمصاحفه حفاظاً على النصّ القرآني ، فإنّ ابن مسعود لمّا أراد عثمان إبعاده من الكوفة أوصى أصحابه بضرورة عدم التنازع في القرآن وعدم ترك قراءته ، لأنّ القرآن ـ رغم خطأ منهجيّة عثمان في توحيده ـ لا يتغيّر ، فجاء في تفسير الطبري بسنده عن علقمة النخعي قال :
«لما خرج عبد الله بن مسعود من الكوفة اجتمع إليه أصحابه فودّعهم ، ثمّ قال : لا تنازعوا في القرآن ، فإنّه لا يختلف ولا يتلاشى ولا يتغيّر لكثرة الرد ، وإنّ شريعة الإسلام وحدوده وفرائضه فيه واحدة ، ولو كان شيء من الحرفين ينهى عن شيء يأمر به الآخر كان ذلك الاختلاف ، ولكنّه جامع ذلك كلّه لا تختلف فيه الحدود ولا الفرائض ولا شيء من شرائع الإسلام ، ولقد رأيتنا نتنازع فيه عند رسول الله(صلى الله عليه وسلم) ، فيأمرنا فنقرأ عليه ، فيخبرنا أن كلّنا