يخاف في ذلك لومة لائم.
وقد يمكننا جمعاً بين القولين أن نقول بأنّ ما قيل عن عثمان من أنّه جمع القرآن على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله) غير صحيح ؛ وذلك لعدم ثبوت جمعه القرآن بنفسه ، بل عدم تصحيحه ما رآه من لحن في المصحف المجموع وإرجاعه إلى العرب كي يصحّحونه ، لأنّه لو كان قد أقرأ بعض التابعين حقّاً لكانت قراءة هؤلاء هي الصحيحة والمعتمدة ولا تترك في الأزمنة اللاحقة ، لكنّا نرى الشيء الكثير قد ورد في قراءة عبد الله بن عامر المنسوبة إلى عثمان والمتروكة اليوم عند المسلمين.
أجل ، إنّ العصبية والغلوّ في الصحابة وإعطائهم هالة من التقديس لا يسمح بمناقشة ما نُسب إلى عثمان ، فاستمع لما يقوله علماء مدرسة الخلافة ، قال القرطبيّ : «بأنّ أصحاب القراءات من أهل الحجاز والشام والعراق كلّ منهم عزا قراءته التي اختارها إلى رجل من الصحابة قرأها على رسول الله لم يستثن من جملة القرآن شيئاً ، فأسند عاصم قراءته إلى عليّ وابن مسعود ، وأسند ابن كثير قراءته إلى أُبيّ ، وكذلك أبو عمرو بن العلاء أسند قراءته إلى أُبيّ ، وأمّا عبد الله بن عامر فإنّه أسند قراءته إلى عثمان ، وهؤلاء كلّهم يقولون : قرأنا على رسول الله وأسانيد هذه القراءات متّصلة ورجالها ثقات ، قاله الخطابي»(١).
وقال الزركشي : «فائدة : قيل : قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو راجعة
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن ١/٥٩.