وألم يستنجد الصحابةٌ بإخوانهم في الأمصار ضجراً من أعمال عثمان؟ ففي (تاريخ الطبري : حوادث سنة ٣٤) : «لمّا كانت سنة أربع وثلاثين ، كتب أصحاب رسول الله بعضهم إلى بعض أن أقدموا ، فإن كنتم تريدون الجهاد فعندنا الجهاد»(١).
وفي رسالة مَن بالمدينة من أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله) إلى من بالآفاق ، جاء فيها : «إنّكم إنّما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله تطلبون دين محمّد ، فإنّ دين محمّد قد أفسده من خَلِفكم [وفي الكامل : خليفتكم] ، وترك ... ، فأقيموا دين محمّد»(٢).
إذن ، فالصحابة لم يكتفوا بالاعتراض على وجود اللّحن في القرآن وحرق عثمان للمصاحف ، بل إنّهم وقفوا أمام سياسات عثمان وإحداثاته المتكرّرة الأخرى ، وكانوا من المسارعين في ذلك ، حتّى أهدروا دمه ، مؤكّدين بأنّه (أحدث) و (غيّر) و (بدّل) في الدين ، وهذه اصطلاحات شرعية تؤكّد إدخال في الدين ما ليس فيه ، وقد ذكر البلاذريّ في أنسابه : «أنّ طلحة خاطب عثمان بقوله : إنّك أحدثت أحداثاً لم يكن الناس يعهدونها ...»(٣).
وجاء في شرح النهج : «أنّ الزبير كان يقول عن عثمان : اقتلوه ، فقد
__________________
فرد عليهم عثمان : أمّا القرآن فمن عند الله ، إنّما نهيتكم لأنّي خفت عليكم الاختلاف فاقرؤوا على أيّ حرف شئتم ، وأمّا الحمى ... إلى آخر الخبر.
(١) تاريخ الطبري ٢/٦٤٤ ، أحداث سنة ٣٤.
(٢) تاريخ الطبري ٢/٦٤٤ ، والكامل في التاريخ ٣/٥٨.
(٣) أنساب الأشراف ٥/١٥٦ باب في أمر المسيَّرين من أهل الكوفة إلى الشام.