بل كيف يغلب ابنَ مسعود هواه ـ وهو سادس الصحابة ـ فيقول لعثمان معترضاً على تولية زيد بن ثابت لكتابة المصحف : «أُعزَل عن نسخ كتابة المصاحف ويولاّها رجل؟»(١).
ألم يقل ابن مسعود لحذيفة : «أما إنّي إذاً لم أُظلُّهم ، وما من كتاب الله آية إلاّ أعلم حيث نزلت وفيم نزلت ، ولو أعلم أحداً أعلم بكتاب الله منّي تبلغنيه الإبل لرحلت إليه»(٢).
وقد وَفَى ابن مسعود بما قاله ، وأخذ من أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ما بعد السبعين من السور التي أخذها مِن فِي رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وقد مرّ قوله في ذلك سابقاً.
وألم يَثُر أهل مصر على عثمان لحرقه المصاحف(٣)؟
__________________
(١) سنن الترمذي ٥/٢٨٥ أخرجه الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة.
(٢) المصاحف ١/١٨١ / ح ٤٩.
(٣) جاء في المصاحف بسنده عن إسماعيل بن أبي خالد ، قال : لما نزل أهل مصر الجحفة يعاتبون عثمان صعد عثمان المنبر فقال : جزاكم الله يا أصحاب محمّد عنّي شرّاً ، أذعتم السيئة وكتمتم الحسنة وأغريتم بي سفهاء الناس ، أيّكم يأتي هؤلاء القوم فيسألهم ما الذي نقموا؟ وما الذي يريدون؟ ثلاث مرات فلا يجيبه أحد.
فقام علي رضياللهعنه :
فقال : أنا ، فقال عثمان : أنت أقربهم رحما وأحقهم بذلك ، فأتاهم فرحبوا به وقالوا : ما كان يأتينا أحد أحبّ إلينا منك.
فقال : ما الذي نقمتم؟ قالوا : نقمنا أنّه محا كتاب الله عز وجل ، وحمى الحمى ، واستعمل أقاربه وأعطى مروان مائتي ألف وتناول أصحاب النبيّ.