فكيف يقرّون اللّحن في القرآن ، مع أنّه لا كلفة عليهم في إزالته.
والثاني : إنّ العرب كانت تستقبح اللّحن غاية الاستقباح في الكلام ، فكيف لا يستقبحون بقاءه في المصحف.
والثالث : إنّ الاحتجاج بأنّ العرب ستقيمه بألسنتها غير مستقيم ، لأنّ المصحف الكريم يقف عليه العربيّ والعجمي.
والرابع : أنّه قد ثبت في الصحيح أنّ زيد بن ثابت أراد أن يكتب (التابوت) بالهاء على لغة الأنصار ، فمنعوه من ذلك ، ورفعوه إلى عثمان وأمرهم أن يكتبوه بالتاء على لغة قريش ، ولمّا بلغ عمر أنّ ابن مسعود قرأ : (عتّى حين) على لغة هذيل ، أنكر ذلك عليه وقال : أقرئ الناس بلغة قريش ، فإنّ الله تعالى إنّما أنزله بلغتهم ولم يُنزِله بلغة هذيل ...»(١).
أقول لابن تيميّة :
أوّلاً : ألم يكن ابن مسعود من كبار الصحابة ، ومن المسارعين إلى الاعتراض على عثمان في إناطة أمر القرآن بصغار الصحابة؟ والقائل : «يا معشر المسلمين ، أُعزَل عن نسخ كتابة المصاحف ويولاّها رجل ، والله لقد أسلمتُ وإنّه لفي صلب أبيه كافر»(٢) ، وقوله : «وكيف يأمروني أن أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأتُ مِن فِي رسول الله(صلى الله عليه وآله) بضعاً وسبعين سورة ، وإنّ زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان له ذؤابتان ...»(٣). وأمثال ذلك.
__________________
(١) شرح شذور الذهب : ٥٠ ـ ٥١.
(٢) المصاحف ١/١٩٠/ ح ٦٣ ، تاريخ دمشق ٣٣/١٣٩.
(٣) المصاحف ١/١٨٦ / ح ٥٥ ، تاريخ دمشق ٣٣/١٣٦.