وبناءً على ما ذكرنا فإنّ الصحابة خير أمّة أخرجت للناس ، وتمتّعهم بالصفات الحميدة وشرف مكانتهم ، باعتبارهم الجيل المثاليّ الّذي صاحب الرسول ، أمر لا يقتضي بالضرورة أن يكونوا ممّن يجيدون الخطّ والكتابة بدرجة لا قصور لها.
فالواقع أنّ طريقة الإملاء الّتي استخدمها الصحابة لم تكن قد بلغت حدّ الانضباط العلميّ الأوفى بحسب البحوث الّتي قام بها رجال العلم حول الموضوع»(١).
وقد كان الدكتور طيّار قد انتقد قول ابن فارس في توقيفيّة الإملاء المستخدَم في المصاحف سابقاً بقوله :
«... ولا يمكننا أن نتصوّر أنّ النبيّ محمّد طلب من كتّاب الوحي مثلاً أن يكتبوا كلمة (إبْراهِيمُ) بدون الياء دائماً (إِبْراهِمُ) في سورة البقرة ، وأن يكتبوها بالياء (إبْراهِيمُ) في كافّة السور»(٢).
إذن خطأ الكتّاب ووجود اللّحن في القرآن هو ممّا يؤذي الآخرين ، وأنّ ابن تيميّة أراد التشكيك فيما روي عن عثمان بالسماح للعرب أن يقوّموا القرآن بقوله :
«هذا خبرٌ باطل لا يصحّ من وجوه :
أحدهما : إنّ الصحابة كانوا يتسارعون إلى إنكار أدنى المنكرات ،
__________________
(١) المصحف الشريف المنسوب لعليّ بن أبي طالب (نسخة صنعاء) : ٥٩ ونحن سنوضح هذا الأمر أكثر ممّا قلناه هنا في آخر الكتاب (توحيد المصاحف).
(٢) المصحف الشريف المنسوب لعليّ بن أبي طالب (نسخة صنعاء) : ٥٦.