مع التنبيه والتأكيد على أنّ هذه الاختلافات والخروج عن المألوف في النظام الإملائي ، لا يُحدث خللاً في القرآن ولا يمسّ بصحّة قوله تعالى : (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(١) ، وإنّما يثبت عدم توقيفيّة الخطّ ، وأنّ ما قالوه هو مغالاةٌ وتعسّف ليس إلاّ.
وخير دليل على عدم توقيفيّة الرسم العثماني هو اختلاف زيد مع غيره في كتابة كلمة (التابوت) هل هي بالتاء المبسوطة أم بالمربوطة؟ فلو كان الرسم توقيفيّاً لما اختلفوا؟
نعم إنّ مسألة التأكيد على الرسم العثماني فيه مغالاة ، فقال الدكتور صبحي الصالح :
«وأمّا مسألة احترام وتقدير العمل الّذي قام به عثمان وتفضيل اتّباع سبيله في كتابة المصحف فهي شيءٌ ، والقول بأنّ هذا العمل توقيفيّ شيءٌ آخر»(٢). بل اعتبر الأستاذ الدكتور ما قالوه من توقيفيّة الكتابة أنّه إفراطٌ بعيد عن المنطق.
وقد أشار الدكتور طيّار آلتي قولاچ إلى ظاهرة الغلوّ فقال :
«... مَن يزعم أنّ الصحابة يفوقون الأجيال التالية في أمور الزراعة وتربية الحيوان والفلَك والحساب والهندسة والطب ، ومن يقول أنّهم كانوا يجيدون الخطّ والكتابة أكثر من الأجيال الّتي أعقبتهم ... ـ حتّى يقول ـ :
__________________
(١) سورة الحِجر : ٩.
(٢) مباحث في علوم القرآن : ٢٧٥ ـ ٢٨٠ ، نقلاً عن مقدّمة المصحف المنسوب لعليّ : ٥٦.