بل ما السرّ في كتابة (تُغْنِ) في سورة القمر بدون الياء(١) ، وفي سورة يونس معها؟(٢) إنّي لا أريد أن آتي بكلّ ذلك ، فهو كثير في المصحف الشريف الرائج ، بل أريد أن أؤكّد بأنّ رسم المصحف العثماني ليس بتوقيفيّ كما يقولون ، والذهاب إلى ذلك ليس بخدش في القرآن الكريم بل عدم القبول بتوقيفية الرسم ، وأنّ من لم يعتقد بذلك الرسم والخطّ فهو ليس بكافر ولا فاسق ، بل إنّه يؤكّد صحّة كلام رسول الله(صلى الله عليه وآله) بأنّ أمّته أمّة أمّيّة لا تعرف القراءة والكتابة وأنّ أصحابه لا يفوقون الأجيال الأخرى في الخط والكتابة ، لقوله : «إنّا أمّةٌ أمّيّة ، لا نكتب ولا نحسب»(٣).
فإذا كان الكاتب يخطأ ـ كما قالت عائشة(٤) ـ ، والأمّة أمّيّة لا تعرف الكتابة ، وفي المصحف يوجد لحن كما جاء عن سعيد ابن جبير وقوله : في القرآن أربعة أحرف لحن : (والصابئون)(٥) ، (والمقيمين)(٦) ، و (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)(٧) ، و (إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ)(٨) ، وأمثال ذلك ـ فلماذا هذا التهويل في لزوم التعبّد برسم المصحف؟
__________________
(١) سورة القمر : ٥ (فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ).
(٢) سورة يونس : ١٠١ (وَمَا تُغْنِي الاْيَاتُ وَالنُّذُرُ).
(٣) صحيح البخاري ٢/٦٧٥ / ١٨١٤ ، صحيح مسلم ٢/٧٦١ / ١٠٨٠.
(٤) التفسير الكبير ٢٢/٦٥ ، تفسير القرطبي ١١/٢١٦.
(٥) كما في آية ٦٩ من سورة المائدة.
(٦) كما في الآية ١٦٢ من سورة النساء.
(٧) في الآية ١٠ من سورة المنافقين.
(٨) كما في الآية ٦٣ من سورة طه.