وهكذا الحال بالنسبة إلى كلمتي (ابن) و (أُم) ، فتارةً نراهما منفصلتَين(١) وأخرى مجتمعتَين(٢) ، ومثلها كتابة أن لا (ألاّ) وعن ما (عمّا) وفي ما (فيما) وأين ما (أينما) وكلّ ما (كلّما) ولكي لا (لكيلا) وعن من (عمّن) وأن لن (ألّن) وأن لم (ألّم) ، فقد تُكتب متّصلةً في أماكن ومنفصلة في أماكن أخرى.
بل كيف يجوز جعل التأكيد نفياً ، وكيف يكون رسم ذلك جائزاً في القرآن؟ ولو أُجيز فما الفائدة من قراءته؟ وأليس الله قد حلّل وحرّم أموراً بألفاظ وقال : (قَالُوا إنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللّـهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا)؟ وأليس النكاح مثل السفاح ، وقد أحلّ الله النكاح بألفاظ خاصة؟ لا طبقاً للتوافق ورضى الطرفين ، فما يعني تجويزه القراءة بأيّ شكل كان؟
ولو كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد سمح بتغيير كلام الله ـ والعياذ بالله ـ شريطة أن لا تصير آية رحمة آية عذاب ، فهل يجيز(صلى الله عليه وآله) جعل التأكيد والقسم في (لأاذبحنّه) نفياً للذبح أيضاً؟
فما الضابطة في كلّ تلك الأمور؟ بل لماذا لو أنقص كاتب المصحف ألفاً من قوله : (لِشاْي) فصارت موافقةً للإملاء الجديد (لشيء) ، أو أضاف ألفاً في قوله تعالى : (طغين) فجعلها (طاغين) لكان من الكافرين ، أو زاد ألفاً في (سموت) وكتبها كما هي مكتوبة في سورة فصّلت الآية ١٢ : (فقَضاهنّ سبع سموات) لكان من المخلّدين في الجحيم؟
__________________
(١) كما في سورة الأعراف: ١٥٠ (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي).
(٢) كما في سورة طه : ٩٤ (قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي).