ثمّ يصل إلى نتيجة بحثه ويقول : «إنّ مشروع عثمان صحيح ، وإنّه جمع المسلمين على نصّ قرآني واحد ، لكنّه سبّب ضياع الكثير من المصاحف الأخرى التي لها نفس مصداقية مصحف زيد وكانت شائعة ومقبولة عند فئة عريضة من المسلمين ، بدليل أنّ المسلمين عابوا على عثمان إسقاطه المصاحف الأخرى مع ما لها من الموثوقية والشرعية ما لم يكن يتمتّع به مصحف زيد»(١).
وعليه فلو كان جمع عثمان هو ما أجمع عليه المسلمون في عهده وقد كان عن ملئهم ، فلا معنى لانتشار الاختلاف بينهم من بعده ، إلاّ أن نقول بأنّ منهجيته هي التي أدّت إلى ذلك ، فقد قال ابن الجزري (ت ٨٣٣ هـ) بعد أن أتى بخبر ابن عبّاس الناصّ على أنّ ابن مسعود هو الذي شهد العرضة الأخيرة :
«... فشهد عبد الله يعني ابن مسعود ما نُسخ منه وما بُدّل ، فقراءة عبد الله الأخيرة ؛ وإذ قد ثبت ذلك فلا إشكال أنّ الصحابة كتبوا في هذه المصاحف ما تحقّقوا أنّه القرآن ، وما علموه استقرّ في العرضة الأخيرة ، وما تحقّقوا صحّته عن النبيّ(صلى الله عليه وسلم) ممّا لم ينسخ ، وإن لم تكن داخلةً في الأخيرة ؛ ولذلك اختلفت المصاحف بعض اختلاف ، إذ لو كانت العرضة الأخيرة فقط لم تختلف المصاحف بزيادة ونقص وغير ذلك»(٢).
وعليه ، فإنّ انتخاب حرف زيد من بين الأحرف قد وسّع الخلاف بين
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) النشر في القراءات العشر ١/٣٢.