فكذلك الأمّة أُمرت بحفظ القرآن وقراءته وخُيّرت في قراءته بأيّ الأحرف السبعة شاءت ، فرأت لعلّة من العلل أوجبت عليها الثبات على حرف واحد وقراءته بحرف واحد ورفض القراءة بالأحرف الستة الباقية(١) ولم تحظر قراءته بجميع حروفه على قارئه بما أُذن له في قراءته به.
فإن قال : وما العلّة التي أوجبت عليها الثبات على حرف واحد دون سائر الأحرف الستة الباقية؟ ...»(٢).
إلى أن يقول :
«وجمعهم على مصحف واحد أو حرف واحد ، وحرق ما عدا المصحف الذي جمعهم عليه ، وعزم على كلّ من كان عنده مصحف مخالف المصحف الذي جمعهم عليه أن يحرقه ، فاستوثقت له الأمّة على ذلك بالطاعة ، ورأت أنّ فيما فعل من ذلك الرشد والهداية ، فتُركت القراءة بالأحرف الستّة التي عزم عليها إمامها العادل في تركها طاعةً منها له ونظراً منها لأنفسها ولمن بعدها من سائر أهل ملّتها ، حتّى دُرست من الأمّة معرفتها وتعفّت آثارها ، فلا سبيل لأحد اليوم إلى القراءة بها لدثورها وعُفُوّ آثارها وتتابع المسلمين على رفض القراءة بها(٣) ، من غير جحود منها صحّتها
__________________
(١) كيف يرفض القراءة بالأحرف الستّة وهي مسموحة من قبل رسول الله(صلى الله عليه وآله) حسبما يقولون.
(٢) جامع البيان في تفسير القرآن للطبري ١/٢٠ طبعة دار المعرفة.
(٣) إنّ السياسة هي التي أعفتها ، مع أنّ بعض الناس كانوا يقرؤون بها في الأزمنة