ذلك الإمام ونسخ في المصاحف الّتي بعث بها إلى الكوفة ، وكان الناس متروكين على قراءة ما يحفظون من قراءاتهم المختلفة حتّى خيف الفساد ، فجُمعوا على القراءة الّتي نحن عليها. قال : والمشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك ، إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على اختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لمّا خشي الفتنة عند اختلاف أهل العراق والشام ...»(١).
وعلّل الطبري الأمر بشكل آخر ، فقال :
«فإن قال : فما بال الأحرف الستّة غير موجودة إن كان الأمر في ذلك
على ما وصفت وقد أقرأهنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) أصحابه وأمر بالقراءة بهنّ وأنزلهنّ الله من عنده على نبيّه(صلى الله عليه وآله)؟ ، أنُسخت فرُفعت؟ فما الدلالة على نسخها ورفعها؟ أم نسيتهنّ الأمّة؟ فذلك تضييع ما قد أُمروا بحفظه ، أم ما القصّة في ذلك؟
قيل له : لم تنسخ فترفع ، ولا ضيّعتها الأمّة وهي مأمورة بحفظها ، ولكنّ الأمّة أُمرت بحفظ القرآن وخُيّرت في قراءته وحفظه بأيّ تلك الأحرف السبعة شاءت ، كما أُمرت إذا هي حنثت في يمين وهي موسرة أن تكفّر بأيّ الكفّارات الثلاث شاءت ، إمّا بعتق أو إطعام أو كسوة ، فلو أجمع جميعها على التكفير بواحدة من الكفّارات الثلاث دون حظرها التكفير بأيّ الثلاث شاء المكفّر كانت مصيبة حكم الله مؤدّيةً في ذلك الواجب عليها من حقّ الله ،
__________________
(١) البرهان ١/٢٣٩ النوع الثالث عشر : نسخ القرآن في المصاحف.