القرآن) ، وهو يشابه موقف عمر بن الخطاب في المنع من كتابة الحديث ، فعن القاسم بن محمّد بن أبي بكر : «إنّ عمر بن الخطاب بلغه أنّه قد ظهرت في أيدي الناس كتب ، فاستنكرها وكرهها ، وقال : أيّها الناس! إنّه قد بلغني أنّه قد ظهرت في أيديكم كتب فأحبّها إلى الله أعدلها وأقومها ، فلا يبقينّ أحد عنده كتاب إلاّ أتاني به ، فأرى فيه رأيي.
قال : فظنّوا أنّه يريد أن ينظر فيها ويقوّمها على أمر لا يكون فيه اختلاف ، فأتوه بكتبهم ، فأحرقها بالنار!!
ثمّ قال : أمنية كأمنية أهل الكتاب»(١).
وهذا ما أشار إليه برتون من أنّ التمسّك بقول مصاحف الصحابة كان للمقابلة مع مصحف عثمان أو الفرار منه ، كما أنّ ما جاء من روايات جمع الشيخين للقرآن فقد وضعت مواجهة لجمع عثمان(٢).
وبهذا فقد اتّضح بأنّ جمع القرآن مرّ بثلاث مراحل حسبما قاله الزرقاني :
١ ـ عهد النبيّ فكان عبارة عن كتابة الآيات وترتيبها ووضعها في مكانها الخاصّ من سورها ، ولكن مع بعثرة الكتابة وتفرّقها بين عُسُب وعظام وحجارة ورقاع ونحو ذلك حسبما تتيسّر أدوات الكتابة ، وكان الغرض من هذا الجمع زيادة التوثّق للقرآن ، وإن كان التعويل أيّامئذ كان على الحفظ
__________________
(١) تقييد العلم : ٥٢ ، وانظر الطبقات الكبرى ٥/١٨٨ ، وتاريخ الإسلام ٧/٢٢٠ ـ ٢٢١ ،
وسير أعلام النبلاء ٥/٥٩ وفيهم : مثناة كمثناة أهل الكتاب.
(٢) انظر خاورشناسان وجمع وتدوين قرآن : ١١٤.