آخره (١) .
فعلم من الرّوايات الخاصيّة والعاميّة أنّ كثيرا من الصّحابة الّذين كان يعرفهم النبيّ صلىاللهعليهوآله وهم يعرفونه ، ارتدّوا بعد وفاته صلىاللهعليهوآله ، وغيرّوا أحكامه ، وأحدثوا في دينه. ومن الضّروري المتفّق عليه أنّهم غير أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأتباعه كسلمان ، وأبي ذرّ ، والمقداد ، وعمّار ، وأضرابهم ممّن يحذوا حذوه ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « علي مع الحقّ ، والحقّ مع عليّ » (٢) .
وفي ( الجمع بين الصّحاح ) : عن النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : « رحم الله عليّا ، اللهمّ أدر الحقّ معه حيث دار » (٣) .
وروى الجمهور : قال صلوات الله عليه لعمّار : « سيكون في أمّتي بعدي هنات (٤) واختلاف ، حتّى يختلف السّيف بينهم حتّى يقتل بعضهم بعضا ، ويتبرّأ بعضهم من بعض. يا عمّار ، تقتلك الفئة الباغية ، وأنت إذ ذاك مع الحقّ ، والحقّ معك ، إنّ عليّا لن يدليك في ردى ، ولن يخرجك من هدى.
إلى أن قال : وإن سلك النّاس كلّهم واديا فاسلك واديا سلكه عليّ ، وخلّ النّاس طرّا. يا عمّار ، إنّ عليّا لا يزال على هدى. يا عمّار ، إنّ طاعة عليّ من طاعتي ، وطاعتي من طاعة الله » (٥) .
وعن الجمهور بعدّة طرق ، عن عائشة : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : « الحقّ مع عليّ ، وعليّ مع الحقّ ، لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » (٦) . فإذن لا بدّ من كون المرتدّين المفترين المحدثين مخالفيه.
وقال فضل بن روزبهان : إنّهم أهل الرّدّة الّذين قاتلهم أبو بكر ، وكان بعضهم أصحاب رسول اللهصلىاللهعليهوآله.
وفيه : أنّ الّذين قاتلهم أبو بكر لم يكونوا مرتدّين مستحلّين للزّكاة ، بل كانوا ممتنعين عن تأديتها لأبي بكر ، لإنكارهم خلافته ، مع أن الظّاهر أنّ المراد من قول القائل : « لا تدري ما أحدثوا بعدك » هم الّذين أحدثوا بدعا باقية مستمرة في الأمّة ، كغصب الخلافة ، وتحريم المتعة ، وصلوات التّراويح ، والمسح على الخفّ ، والتكتّف في الصّلاة ، وغير ذلك من البدع ، لا منع الزّكاة ، والّذي لم يتجاوز عن مالك بن نويرة وأصحابه ، ولم يصر فعلهم سنّة باقية.
ثمّ بشّر الله الثّابتين على الإيمان بقوله : ﴿وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ﴾ لنعمه من تعريفهم الحجّة
__________________
(١) الكافي ٨ : ٢٩ / ٤ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥٩.
(٢) تاريخ بغداد ١٤ : ٣٢١ ، ترجمة الإمام علي عليهالسلام لابن عساكر ٣ : ١٥٣ / ١١٧٢.
(٣) مناقب الخوارزمي : ٥٦ ، الطرائف : ١٠٢.
(٤) أي شرور وفساد.
(٥) تاريخ بغداد ١٣ : ١٨٦ ، بحار الأنوار ٣٨ : ٣٧ / ١٣ و: ٣٨ / ١٤.
(٦) تاريخ بغداد ١٤ : ٣٢١ ، ترجمة الإمام علي عليهالسلام ٣ : ١٥٣ / ١١٧٢ ، سنن الترمذي ٥ : ٦٣٣ / ٣٧١٤ ، مستدرك الحاكم ٣ : ١٢٤.