عن الصادق عليهالسلام ، في هذه الآية قال : « إنّ الله هو أعلم بما هو يكوّنه قبل أن يكونه ، وعلم وهم ذرّ (١) من يجاهد ومن لا يجاهد » (٢) الخبر.
والظّاهر أنّ المراد من الرّواية أنّ نفي العلم ليس على معناه الحقيقي ، بل هو كناية عن عدم المعلوم ، فنزّل نفي العلم منزلة نفي الجهاد للتأكيد والمبالغة ؛ لأنّ وقوع الشيء مستلزم لكونه معلوما لله تعالى ، فانتفاء اللّازم برهان على انتقاء الملزوم.
ثمّ أنّه كان جماعة من أصحاب الرّسول صلىاللهعليهوآله لم يشهدوا بدرا ، وكانوا يتمنّون أن يشهدوا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله مشهدا ينالوا فيه ما نال شهداء بدر من الشّهادة والكرامة ، ولذا ألحّوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله عند المشاورة ، في الخروج إلى احد ، فخرج صلىاللهعليهوآله من المدينة ونزل احد.
وقال ابن عبّاس رضى الله عنه : إنّه صلىاللهعليهوآله أمر الرّماة أن يلزموا أصل الجبل ، ولا ينتقلوا عن ذلك ، سواء كان الأمر لهم أو عليهم ، فلمّا وقفوا وحملوا على الكفّار هزموهم (٣) .
في قتل أمير المؤمنين عليهالسلام أصحاب لواء قريش في احد ، وقتل خالد أصحاب الشعب وانهزام المسلمين
وفي رواية : كان أمير المؤمنين عليهالسلام صاحب راية رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقاتل قتالا عظيما ، حتّى التوى سيفه (٤) ، وقتل عليهالسلام طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين ، وحمل الزّبير والمقداد وشدّا على المشركين ، ثمّ حمل رسول الله صلىاللهعليهوآله مع أصحابه ، فهزموا أبا سفيان لعنه الله ، وحمل أبو دجانة في نفر من المسلمين على المشركين فقاتل قتالا شديدا ، فقتلوا جماعة من المشركين.
وفي رواية : ووقع أصحاب الرّسول في سواد المشركين ، وكان خالد بن الوليد على ميمنة الكفّار فانحطّ في مائتي فارس على عبد الله بن جبير من قبل الشّعب ، فاستقبلوهم بالسّهام فرجع ، ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ينتهبون سواد القوم ، فقالوا لعبد الله بن جبير : غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة ، فقال لهم عبد الله : اتّقوا الله ، فإنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد تقدّم إلينا أن لا نبرح ، فلم يقبلوا منه ، وأقبلوا ينسلّ رجل فرجل ؛ حتّى أخلوا مراكزهم ، وبقي عبد الله في اثني عشر رجلا.
وكانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدري (٥) فقتله عليّ عليهالسلام ، فأخذ الرّاية أبو سعيد بن أبي طلحة فقتله عليّ عليهالسلام ، فسقطت الرّاية فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله عليّ عليهالسلام ، حتّى قتل تسعة
__________________
(١) في تفسير العياشي : بما هو مكوّنه قبل أن يكونه وهم ذرّ ، وعلم.
(٢) تفسير العياشي ١ : ٣٤٠ / ٧٨٦ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥٦.
(٣) تفسير الرازي ٩ : ٢٠.
(٤) تفسير أبي السعود ٢ : ٩٣.
(٥) العبدري : نسبة إلى بني عبد الدار.