عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « فإنّكم لن تنالوها إلّا بالتّقوى » (١) .
﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ
وَاللهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٣٤)﴾
ثمّ وصف المتّقين بصفات جميلة هي أعظم وسائل نيل المغفرة والجنّة ، بقوله : ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ﴾ ما يقدرون على إنفاقه ﴿فِي﴾ حالتي ﴿السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ﴾ وفي وقت سرورهم بالإنفاق ؛ كوقت الغنى والسّعة ، وفي وقت كراهتهم له ، كوقت الفقر والضّيق. والمراد أنّهم ينفقون في جميع الأحوال ؛ لأنّ الإنسان لا يخلو عن إحدى الحالتين.
﴿وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ﴾ الكاتمين له على امتلائهم منه ، الممسكين عليه ، الكافّين عن إمضائه ، مع القدرة عليه. قيل : الغيظ توقّد حرارة القلب من الغضب (٢) .
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من كظم غيظا ، وهو قادر على إنفاذه ، ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا » (٣) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « من كظم غيظا ، ولو شاء أن يمضيه أمضاه ، ملأ الله قلبه (٤) رضاه»(٥).
وعن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « من كظم غيظا ، وهو يستطيع أن ينفذه ، زوّجه الله من الحور العين حيث يشاء » (٦) .
وقال صلىاللهعليهوآله : « ما من جرعتين أحبّ إلى الله من جرعة موجعة يجرعها صاحبها بحسن صبر وعزاء ، ومن جرعة غيظ كظمها » (٧) .
وعنه صلىاللهعليهوآله : « ليس الشّديد بالصّرعة ، لكنّه الذي يملك نفسه عند الغضب » (٨) .
﴿وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ﴾ التّاركين عقوبة من استحقّها منهم ويحتمل كون ذكر الوصفين بسبب غضب رسول الله صلىاللهعليهوآله على من فرّ من الزّحف يوم احد ، فندب إلى كظم الغيظ والعفو عنهم ، أو بسبب غضبه صلىاللهعليهوآله حين مثّلوا بحمزة رضى الله عنه وقال : « لأمثلنّ بهم » وكان عفوه تركه للمثلة.
عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : « أنّ هؤلاء في امّتي قليل إلّا من عصمه الله ، وقد كانوا كثيرا في الامم التي مضت» (٩) .
عن الصادق عليهالسلام قال : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : عليكم بالعفو ، [ فإنّ العفو ] لا يزيد العبد إلّا عزّا ، فتعافوا يعزّكم الله » (١٠) .
__________________
(١) الخصال : ٦٣٣ / ١٠ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥١.
(٢) تفسير روح البيان ٢ : ٩٤.
(٣) تفسير الرازي ٩ : ٧.
(٤) زاد في الكافي : يوم القيامة.
(٥) الكافي ٢ : ٩٠ / ٦ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥١.
(٦ و٧) . تفسير الرازي ٩ : ٧.
(٨) تفسير الرازي ٩ : ٨.
(٩) تفسير روح البيان ٢ : ٩٥.
(١٠) الكافي ٢ : ٨٨ / ٥ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥١.