في ذكر ما أصاب النبيّ صلىاللهعليهوآله في أحد
روي أنّ عتبة بن أبي وقّاص شجّ النبيّ صلىاللهعليهوآله في احد ، وكسر رباعيته (١) ، فجعل يمسح الدّم عن وجهه ، وسالم مولى حذيفة يغسل الدّم عن وجهه ، وهو يقول : « كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيّهم بالدّم ، وهو يدعوهم إلى ربّهم » ثمّ أراد أن يدعو عليهم فنزلت (٢) .
وروي أنّه دعا على عتبة بأن لا يحول عليه الحول حتّى يموت كافرا ، فمات كافرا قبل أن يحول الحول(٣) .
وقيل : إنّه أراد أن يدعو عليهم ، فنهاه الله تعالى لعلمه بأنّ منهم من يؤمن (٤) .
وفي رواية : أنّه صلىاللهعليهوآله كان يمسح الدّم عن وجهه ويقول : « اللهمّ اهد قومي ، فإنّهم لا يعلمون»(٥).
وعن عبد الله بن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لعن أقواما ، فقال : « اللهمّ العن أبا سفيان ، اللهمّ العن حارث بن هشام ، اللهمّ العن صفوان بن أميّة » فنزلت هذه الآية : ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ فتاب الله على هؤلاء وحسن إسلامهم (٦) .
أقول : يعلم حال ابن عمر من تحسينه إسلام أبي سفيان المعروف بين الفريقين بالفسق والنّفاق ، ولعلّ مقصوده أنّ إسلامه كان أحسن من إسلام نفسه.
وقيل : إنّها نزلت في حمزة بن عبد المطلب ، وذلك لأنّه صلىاللهعليهوآله لمّا رآه ورأى ما فعلوا به من المثلة قال : « لأمثلنّ منهم بثلاثين » فنزلت. وقيل : إنّها نزلت بسبب أنّه صلىاللهعليهوآله أراد أن يلعن المسلمين الّذين خالفوا أمره ، والّذين انهزموا ، فمنعه الله من ذلك ، وهو مرويّ عن ابن عبّاس رضى الله عنه (٧) .
ولعلّ حكمة المنع مع كونهم مستحقّين له ، تأليف قلوبهم ، وازدياد شوكة الإسلام بظاهر إسلامهم.
وقيل : إنّ ( أو ) في قوله : ﴿أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ﴾ بمعنى إلّا أنّ ، والمراد : أنّه ليس لك من الأمر شيء إلّا أن يتوب عليهم (٨) .
وعن الباقر عليهالسلام أنّه قرئ عنده ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ﴾ قال : « بلى والله ، إنّ له من الأمر شيئا وشيئا ، وليس حيث ذهبت ، ولكن اخبرك : أنّ الله تعالى لمّا أخبر نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يظهر ولاية عليّ ، ففكّر في عداوة قومه له ؛ في ما فضّله الله به عليهم في جميع خصاله ، وحسدهم له عليها ، ضاق عن ذلك ، فأخبر الله أنّه ليس له من هذا الأمر شيء ، إنّما الأمر فيه إلى الله أن يصيّر عليّا وصيّه ووليّ الأمر بعده.
__________________
(١) الرباعية : السّن بين الثنيّة والناب ، وهنّ أربع ، رباعيتان في الفك الأعلى ، ورباعيتان في الفك الأسفل.
(٢) تفسير الرازي ٨ : ٢١٧ ، تفسير أبي السعود ٢ : ٨٣ ، تفسير الصافي ١ : ٣٥٠.
(٣) مجمع البيان ٢ : ٨٣١.
(٤) تفسير أبي السعود ٢ : ٨٣.
(٥) مجمع البيان ٢ : ٨٣١.
(٦) تفسير الرازي ٨ : ٢١٧.
(٧) تفسير الرازي ٨ : ٢١٧.
(٨) تفسير الرازي ٨ : ٢١٩.