فماتوا فيه وجزعوا وأصابهم ما لم يعهدوه قبله » الخبر (١) .
﴿وَلَمَّا وَقَعَ﴾ ونزل ﴿عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾ من السّماء فزعوا إلى موسى عليهالسلام فزع الامّة إلى نبيّها و﴿قالُوا يا مُوسَى ادْعُ لَنا رَبَّكَ﴾ متوسّلا ﴿بِما عَهِدَ عِنْدَكَ﴾ من النّبوّة. وقيل : إنّ ( الباء ) للقسم ، والمعنى : نقسمك بعهد الله الذي عندك (٢) ، أو نقسم به ﴿لَئِنْ كَشَفْتَ﴾ ورفعت ﴿عَنَّا الرِّجْزَ﴾ والعذاب ﴿لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ﴾ البتّة ، ونصدّقك في رسالتك ﴿وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرائِيلَ﴾ تذهب بهم أينما شئت ﴿فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ﴾ ولكن لا مطلقا ، بل ﴿إِلى أَجَلٍ﴾ وحدّ معيّن من الزّمان ﴿هُمْ بالِغُوهُ﴾ فإذا بلغوه نهلكهم ، ﴿إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ وينقضون العهد مبادرين إليه.
وفي الحديث السابق عن الباقر عليهالسلام : « فدعا ربّه فكشف عنهم الثّلج ، فخلّى عن بني إسرائيل ، فلمّا خلّى عنهم اجتمعوا إلى موسى عليهالسلام ، وخرج موسى من مصر واجتمع إليه من كان هرب من فرعون ، فبلغ فرعون ذلك فقال له هامان : قد نهيتك عن أن تخلّي عن بني إسرائيل فقد اجتمعوا إليه ، فجزع فرعون وبعث في المدائن حاشرين وخرج في طلب موسى » (٣) ، فآل أمره إلى الغرق.
﴿فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ *
وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا
فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ
يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ (١٣٦) و (١٣٧)﴾
ثمّ أخبر الله تعالى بإنجازه وعد موسى عليهالسلام لبني إسرائيل من قوله : « عسى ربّكم أن يهلك عدوّكم ويستخلفكم في أرض مصر » بقوله : ﴿فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ﴾ وأخذناهم بذنب نكثهم العهد ، أو سلبنا عنهم النّعمة بالعذاب ﴿فَأَغْرَقْناهُمْ فِي الْيَمِ﴾ وبحر القلزم ، وكان قريبا من مصر ﴿بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا﴾ وبراهين توحيدنا ، ومعجزات رسولنا ﴿وَكانُوا عَنْها﴾ معرضين كأنّهم كانوا عنها ﴿غافِلِينَ* وَأَوْرَثْنَا﴾ وملّكنا ﴿الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ﴾ ويقهرون ويستذلّون بذبح أبنائهم واستخدام نسائهم ﴿مَشارِقَ الْأَرْضِ﴾ المقدّسة من الشام ومصر ﴿وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها﴾ بالخصب ووفور النّعم والأمن ، فتملّكوها بعد الفراعنة وتمكّنوا فيها بالتصرّف والاستراحة ﴿وَتَمَّتْ﴾ وانجزت
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٣٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣١.
(٢) كذا ، وفي تفسير الرازي ١٤ : ٢٢٠ أقسمنا بعهد الله عندك.
(٣) تفسير القمي ١ : ٢٣٨ ، تفسير الصافي ٢ : ٢٣١.